رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدير: الله العظيم القوي المقال الثامن "الله العظيم القوي، رب المشورة العظيمة، القدير في أعماله، الله العظيم، الرب القدير ذو اسم عظيم" (إر 19: 18-19 LXX) مقدمة 1. بإيماننا بالله الواحد نهدم كل اعتقاد شرير في آلهة كثيرة، مستخدمين ذلك كدرعٍ ضد اليونانيين وكل قوة الهراطقة المقاومين. وإذ نضيف "نؤمن بإله واحد الله الآب" نناقض أهل الختان الذين ينكرون ابن الله الوحيد، إذ كما تحدثنا بالأمس أن بقولنا "الآب" نوضح ضمنا الحقائق الخاصة بربنا يسوع المسيح قبل أن نشرحها، إذ هو أب للابن، حتى حيث ندرك وجود الله ندرك ضمنا "الابن". ونضيف إلى ذلك أنه "قدير (ضابط الكل)" مؤكدين هذا بسبب اليونانيين واليهود(10) معًا وكل الهراطقة. قدرته وسلطانه على السماء والأرض 2. فمن جهة اليونانيين يقول البعض إن الله نفس (Soul) العالم(11). وآخرون قالوا إن سلطانه يسود السماء وحدها دون الأرض. ويشترك البعض معهم في خطأهم مسيئين استخدام العبارة القائلة "حقك إلى السحاب"(12)، فتجاسروا بتحديد عناية الله بالسحب والسماوات، عازلين الله عن شؤون الأرض، ناسين المزمور القائل: "إن صعدت إلى السماوات، فأنت هناك، وإن نزلت إلى الجحيم، فأنت هناك" (مز 139: 8). فإن كان ليس شيء أعلى من السماوات والجحيم أدنى من الأرض، فإن من يدير أمور الجحيم السفلي يهتم بالأرض أيضًا. قدرته وسلطانه على النفس والجسد 3. سبق أن قلت أن الهراطقة لا يعرفون إلهًا واحدًا قديرًا، فإنه يُحسب قدير إن كان يدبر كل الأمور وله سلطان على كل شيءٍ. أما القائلون بوجود إله هو رب النفس وآخر رب الجسد، فإنهم يجعلون منهما إلهين غير كاملين، يحتاج كل منهما للآخر. كيف يكون قديرًا من كان له سلطان على النفس دون الجسد، أو الجسد دون النفس؟! لكن الرب يدحض هؤلاء بقوله: "بل خافوا بالأحرى من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت 10: 28). فلو لم يكن لأبي ربنا يسوع المسيح سلطان عليهم أما كان يخضعهما للعقاب؟! إذ كيف يأخذ الجسد الذي تحت سلطان آخر ويلقيه في جهنم "إن لم يربط القوى أولًا وحينئذ ينهب بيته؟!" (مت 12: 29) بين قدرة الله وطول أناته 4. تعرفنا الأسفار المقدسة وتعاليم الحق بإله واحد وحده، مدبر كل الأمور بقدرته، يتحمل كثيرًا بإرادته. إنه صاحب سلطان على الوثنيين وبطول أناته يحتملهم. له سلطان على الهراطقة الذين لا يقيمونه عليهم إلهًا، وبطول أناته يحتملهم. له سلطان على الشياطين وبطول أناته يحتملهم، ليس لأنه محتاج إلى سلطان كمن هو ضعيف... لقد سمح للشياطين أن تعيش لغرضين: 1. لكي تخزى نفسها بنفسها بالأكثر في حربها. 2. لكي يتكلل البشر بالنصرة. يا لعناية الله الحكيمة! التي تستخدم نيّة الشرير كأساس لخلاص المؤمنين! فكما استخدم نيّة إخوة يوسف التي لا تحمل أخوّة كأساس لتدبيره، وإذ سمح لهم ببيع أخيهم بدافع الكراهية، وجعلها فرصة ليقيمه ملكًا، الأمر الذي يريده الله. هكذا سمح الشيطان أن يصارع لكي يتكل المنتصرون. وإذ تتحقق النصرة يخزى هو بالأكثر إذ هزمه الضعفاء، ويُكَّرم البشر بالأكثر بالنصرة على من كان يومًا ما رئيس ملائكة. لا يفلت شيء من سلطان الله 5. إذن لا شيء يفلت من سلطان الله، إذ يقول الكتاب: "لأن الكل عبيدك" (مز 119: 91). الكل سواء كخدم لله، لكن من هذه الأشياء كلها فقط واحد وحده هو ابنه الوحيد، وواحد هو روحه القدوس، كلاهما مستثنيان. أما الباقي فجميعهم يخدمون الله بالابن الوحيد في الروح القدس. إذن الله يحكم الكل، وبطول أناته يحتمل حتى المجرمين واللصوص والزناة، محددًا وقتًا معينًا لمجازاة كل أحدٍ، لكن إن أصر من يحذرهم على عدم التوبة من القلب ينالون دينونة عظيمة. الغنى والذهب لله القدير 6. الغنى والذهب والفضة لا تخص الشيطان كما يظن البعض(13)، بل "كل غنى العالم هو للمؤمن، وأمّا الكافر فليس له فلس" (أم 17: 6 LXX)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ليس أحد كافر مثل الشيطان، ويقول الله بوضوح: "لي الذهب ولي الفضة لمن أعطيها؟!" (راجع حجي 2: 8) فإذ تستخدم هذه الأمور حسنًا لا تخطيء عندما تمتلكها، لكنك إذ تسيء استخدام ما هو صالح فلكي لا تلم تدبيرك في جسارة تلقي باللوم على الخالق(14). إذن يمكن للإنسان أن يتبرر بواسطة المال، إذ يسمع القول: "كنت جوعانًا، فأطعتموني" (مت 25: 35، 36)، وهذا يتحقق بالمال. وأيضًا قوله: "كنت عريانًا فكسوتموني" يتحقق أيضًا بالمال. أتريد أن تتعلم أن المال يمكن أن يكون بابًا للدخول في ملكوت السماوات؟! إنه يقول "بع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء" (مت 19: 21). الغنى ليس خاصًا بالشيطان 7. لقد ذكرت هذه الملاحظات بسبب الهراطقة الذين يحسبون الممتلكات والمال وأجساد البشر ملعونة. فإنني لا أريدك عبدًا للمال، ولا تنظر إلى ما وهبك الله لاستخدامه كعدو لك. ليس لك أن تقول عن الغنى إنه خاص بالشيطان، لأنه وإن قال لك: "أعطيك هذه جميعها، لأنه قد دفع إلي" (مت 4: 9، لو 4: 8) فلتحتقر كلامه إذ لسنا محتاجين لتصديق الكذاب. فإنه وإن التزم أن ينطق بالصدق إنما لحضور الله، إذ لم يقل: "أعطيك هذه جميعها"، بكونها ملك له، بل "قد دفع إليّ" أي ليس له سلطان عليها، بل يعترف أنه عُهد إليه بها، وصار واهبًا لها إلى زمانٍ، وفي نفس الوقت يتساءل المفسرون ما إذا كان قوله باطلًا أم صادقًا؟! تجديف الهراطقة 8. إذن الله واحد، الآب القدير، الذي تجاسر الهراطقة بالتجديف عليه. نعم تجاسروا بالتجديف على رب الصباؤوت(15)، الجالس على الشاروبيم (مز 80: 1). تجاسروا أن يجدفوا على أدوناى(16). تجاسروا بالتجديف على من أعلن عنه الأنبياء أنه الله القدير. أما أنتم فاعبدوا الله الواحد القدير، أبا ربنا يسوع المسيح. اهربوا من خطأ الإيمان بآلهة كثيرة. اهربوا من كل هرطقة، وقولوا مع أيوب: "اطلب من الرب القدير، الفاعل عظائم لا تُفحص، وعجائب لا تُعد" (راجع أي 5: 8، 9)... الذي له المجد إلى أبد الأبد. آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس كيرلس الأورشليمي | سمو كمال الله |
القديس كيرلس الأورشليمي | الله الواحد |
القديس كيرلس الأورشليمي | الله محب البشر |
القديس كيرلس الأورشليمي | اقبلوا عمل الله |
القديس كيرلس الأورشليمي في الله الآب |