رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقال الذي كتبه يوحنا ذهبي الفم في منفاه، غالبًا قبل موته بفترة قصيرة. مع تبويبه ووضع عناوين جانبية وقد ساهم الأخ نبيل يوسف بنصيب كبير من الترجمة. الرب قادر أن يستخدمه لأجل مجد اسمه القدوس وبركة لكثيرين. قام بترجمه هذه المقاله القمص تادرس يعقوب ملطي هدف المقال إنني أعرف جيدًا أن جامدي الفكر، المتلهفين في جريهم وراء الأمور الزمنية، المربوطين بمحبة العالم، المأسورين تحت عبودية اللذات الجسدية، الذين ليس لديهم إدراك قوى للمفاهيم الروحية، هؤلاء إذ يرون أن ما أنطق به منذ بدايته غير معقول، لذلك يكون لهم هذا المقال غريبًا ومتناقضًا، ويفرطون في الاستهزاء به. لكن هذا لن يعوقني عن تحقيق ما وعدت به، بل بالعكس يدفعدي إلى الاجتهاد في البرهنة عليه. وإنني أرجو من أولئك الذين لهم وجهة نظرهم هذه في الموضوع. الذي أتكلم فيه أن ينتظروا حتى نهاية حديثي. وأنا متأكد أنهم سيأخذون برأيي ويدينون أنفسهم، مكتشفين أنهم كانوا مخدوعين حتى هذه اللحظة، وعندئذ ينقدون اعتقادهم! الخاطئ الذي تمسكوا به في هذا الشأن، معتذرين طالبين الصفح، بل وشاكرين إيايّ كثيرًا، كما يفعل المرضى بالأطباء عندما يشفوا من أتعاب أجسادهم. لهذا لا تخبرني ما هو رأيك الآن، بل انتظر حتى تسمع منى براهيني، وعندئذ تحكم حكمًا صائبًا، دون أن يعوقك جهلك عن ذلك. لأنه في القضاء، حتى في الأمور الزمنية، إذا رأوا الخطيب الأول يقدم حججًا قوية وينقد كل بند تمامًا، إلا أنهم لا يكتفون بذلك معلنين حكمهم ما لم يستمعوا إلى الخطيب الثاني (المحامي) الخصم للخطيب الأول. فحتى وإن بدت ملاحظات الأول حقيقية إلى درجة كبيرة، لكنهم يحجزون الحكم حتى يستمعوا للثاني. بالحقيقة إن عظمة القضاة تكمن أولاً في استماعهم بدقة لكلى الطرفين وبعدئذ ينطقون بالحكم. هنا نستبدل الخطيب بالمفهوم العام الذي صار له مع مرور الزمن أساس عميق في داخل أفكار الجماعة، وصار له تأثير قوي في العالم. هذا المفهوم (الخاطئ) يقول: "كل الأشياء قد قلبت رأسًا على عقب وأن الجنس البشرى مشحون باضطرابات كثيرة، إذ كثيرون يخطئون كل يوم، كثيرون يشتمون، كثيرون يخضعون تحث العنف والشر. فالضعيف مذلول للقوي، والفقير يخضعه الغنى. وكما يستحيل إحصاء عدد أمواج البحر، هكذا لن يمكن إحصاء ضحايا الساقطين تحت أعباء المكائد والإهانات والآلام ولا يمكن لا بتعديل القانون، ولا بالإرهاب عن طريق القضاء ولا بشيء من هذا القبيل، يقدر أن يوقف تيار هذا الوباء والاضطراب، إنما في كل يوم يتزايد الشر أكثر فأكثر. حتى أصبحت تنهدات المتألمين وندبهم ونحيبهم أمر جماعي مألوف... وهناك من يتمسكون بنوع جديد من الحمق، اتهام عناية الرب عندما يرون الإنسان العفيف كثيرًا ما يكون مأسورًا تحت العنف ومضروبًا ومهانًا بشدة، بينما الإنسان الوقح القاسي الوضيع يصب مضايقات لا تحصى على من هم أكثرمنه عفة، ويتجنى على من في المدينة أو في البلد أو في الصحراء والبحر والبر. هذا المقال الذي أدليّ به ضروري حتى يصحح ما يزعمونه... مثبتًا، إن أي إنسان أخطأ إنما يصيبه الضرر بيديه، ولم يبعثه على الخطأ إنسان أخر. لكل مخلوق عدو يؤذيه لكي أبرهن على ما قلت بوضوح أكثر علينا أولاً أن نتساءل ما هو الظلم؟ من أي شيء تتكون مادته؟ ما هو الصلاح البشري؟ وما الذي يدمره؟ وما الذي يبدو أنه يدمره لكن في الحقيقة لا يدمره؟ وإذ يلزمني أن أؤكد حجتي بأمثلة، أقول بأن كل شيء له عدو شرير يؤذيه. فالحديد يفسده الصدأ، والخشب يفسده السوس، وقطيع الخراف تهلكه الذئاب، وخواص الخمر تفسد بالاختمار حتى يصل إلى أن يصير طعمه حامضًا ( لاذعًا)، والعسل يفقد خواصه عندما يفقد حلاوته الطبيعية ويتحول إلى عصارة مرة، وسنابل القمح يهلكها اليرقان (التعفن)، والجدب وأشجار أخري تؤذيها الديدان، ومخلوقات غير عاقلة يهلكها أنواع معينة من الأمرًاض. ولكي لا نطيل الحديث... نذكر أن جسدنا يتعرض للحُميات والشلل، ولكثير من الأمرًاض الأخرى. إذن كل شيء له من يفسد خواصه أو صلاحيته. والآن لنفكر ما هو هذا الذي يحطم الجنس البشرى، وما هو الذي يهلك؟صلاح الإنسان؟ غالبية البشر تظن أن هناك أشياء كثيرة قادرة على إهلاكنا. فعلينا أن نوضح الآراء الخاطئة في هذا الأمر... مظهرين بوضوح أنه لا يوجد شيء يقدر أن يجلب علينا ضررًا أو هلاكًا ما لم نخون نحن أنفسنا بأنفسنا. يتصور ذوو الأفكار الخاطئة، أنه يوجد أشياء كثيرة تقدر أن تفسد صلاحنا. البعض ينظر إلى الفقر، وآخرون إلى الأمراض البدنية، وآخرون إلى فقدان الممتلكات، أو حلول المصائب، أو الموت. أمثال هؤلاء دائمو البكاء والندب لحلول هذه الأمور. وبينما هم يرثون لحال المتألمين ويسكبون الدمع يقولون مضطربين: "يا لها من نكبة. قد حلت هكذا بالرجل فقد تبددت أمواله"، وآخر يقول: "قد أصيب رجل بمرض خطير ويئس الأطباء من علاجه!!" وآخرون يبكون من أجل المسجونين، والبعض يندبون المنفيين... وآخرون يبكون الغرقى والذين أصابهم الحريق والذين ماتوا تحت أنقاض منزل، ولكن لا يبكى أحد السالكين في الإثم. بل بالعكس يهنئونه هؤلاء الذين هم اردأ حالاً من الكل، مشجعين إياهم على ارتكاب كل الشرور. والآن يلزمني أن أؤكد... أن لا شيء من هذه الأمور تقدر أن تؤذى الإنسان الذي يعيش بوقار، ولا تستطيع أن تفقده صلاحه. مثال ذلك: أخبرني لو أن إنسانًا فقد كل ماله بواسطة محتالين أو لصوص. ماذا يمكن لهذه الخسارة أن تفعل بصلاحه؟! وان كنت أريد أن أوضح هذا الأمر، يلزمني أولاً أن أشير إلى مفهوم صلاح الإنسان معالجًا الموضوع بأمثلة أخرى من المخلوقات حتى يمكن أن يكون الأمر جليًا وأكثر إدراكًا لغالبية القراء. مفهوم صلاح الإنسان ليكن لك هدف واضح : ما هو صلاح الفرس؟ هل يَكمن في ما له من لجام مذهب وسرج مناسبة وأربطة من خيوط حريرية لربط الجل، وأقمشة ذات ألوان مختلفة وما عليه من ثوب ذهبي، وعُدة للرأس مُرصعة بالجواهر، وغطاء فوق الشعر مضفر بحبل ذهبي؟! أم يكمن في خفة حركته وقوة أقدامه وخطواته... شجاعته، قدرته على القيام بالرحلات الطويلة واستخدامه في الحرب، وقدرته على التصرف بهدوء في ميدان المعركة، وإنقاذه لصاحبه إن حدثت هزيمة؟! أليس من الواضح أن الأمور الأخيرة لا الأولى هي التي يكمن فيها صلاح الفرس؟! وأيضًا ماذا تقولون عن صلاحية الحمير والجحش؟ أليست تكمن في القدرة على حمل الأثقال بلا اضطراب، والمثابرة على الرحلات الطويلة بسهولة، وصلابة حوافره كالصخر؟! هل تستمد هذه الحيوانات صلاحيتها الحقيقية من الزينة الخارجية؟! وأي نوع من الكروم تعجب بها؟! هل التي تحمل أوراقًا كثيرة أم المثقلة بالثمار؟! أي نوع من الصلاحية نعزي به الزيتونة، هل ما لها من فروع ضخمة وأوراق كثيرة أم حملها بثمار وفيرة من كل جانب |
03 - 10 - 2012, 09:45 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: من يقدر أن يؤذيك؟ ( القديس يوحنا الذهبي الفم )
شكرا يا قمر
ربنا يباركك |
||||
03 - 10 - 2012, 10:07 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: من يقدر أن يؤذيك؟ ( القديس يوحنا الذهبي الفم )
ميرسى يامارى على مشاركتك
|
||||
05 - 10 - 2012, 05:42 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: من يقدر أن يؤذيك؟ ( القديس يوحنا الذهبي الفم )
شكرا ربنا يبارك خدمتك
|
||||
05 - 10 - 2012, 09:23 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: من يقدر أن يؤذيك؟ ( القديس يوحنا الذهبي الفم )
ميرسى ياكوكى على مرورك
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قدم لنا القديس يوحنا الذهبي الفم أمثلة كثيرة لأناس لم يقدر أحد منهم أن يحتج بجهله |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
من يقدر أن يؤذيك ؟ يوحنا ذهبي الفم |