"لا من أحدِ يعرف الآب إلاَّ الابن، ومن شاء الابن أن يكشفه له"
(متى ١١: ٢٧)
"إن الله ما رآه أحدٌ قط، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه" (يوحنا ١: ١٨). وما كشفه لنا كافِ لنحيا السرّ، ويحلّ في "قلوبنا بالإيمان" (أفسس ٣: ١٧)، "نحن نؤمن ولذلك نتكلّم" (قورنتس الثانية ٤: ١٣)، نتكلّم على الإيمان. والرّوح يكلّمنا من خلال مطالعتنا الكتاب المقدّس، حتى نزداد إيماناً، ومع الرسل نقول للرّب: "زدنا إيماناً" (لوقا ١٧ :٥).
الإيمان هو "قوام الأمور التي تُرجى وبرهان الحقائق التي لا تُرى" (عبرانيين ١١: ١).
يُخبر المفكّر الفرنسي جان جيتون Jean Guiton أن الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران قصده يوماً ليطرح عليه موضوع الإيمان، وألحَّ عليه أن يكون الجواب موجزاً لأن الوقت قصير. أجابه المفكّر الفيلسوف: كانت أمي تقول لي، وأنا في سن المراهقة: "يا بنيَّ على الإنسان أن يكون ذكيّاً لكي يؤمن". فلم أفهم كلامها كل الفهم، إلاَّ لما دخلت الجامعة وتبيّن لي أن الإنسان مشدود بين قطبين: إمّا العبث l’Absurde أي اللامعنى، وإمّا السرّ le Mystère الذي فيه معنى ندركه ولانراه، إنمّا نختبر منه ما كشف لنا.