رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وأنت أيها الرب إلهي جعلت عجائبك كثيرة؛ وفي أفكارك ليس من يشبهك" [5]. حتى إن قدم لنا بنو البشر عونًا عن صدق واخلاص إنما يقدمون ما لديهم من أمور زمنية باطلة، أما الرب فيقدم عجائب كثيرة خلال حكمته الفائقة المعلنة في الصليب: يقدم خلاصًا من الخطية، وتحررًا من إبليس، وتبريرًا، وتقديسًا، وبنوة لله، ومجدًا أبديًا! يقدم سلسلة طويلة من عجائب محبته الفائقة التي تكشف لنا عن أفكارة الإلهية من نحونا. يقول: "في أفكارك ليس من يشبهك"، لأنه قدم فكر الصليب العجيب الذي عند اليهود عثرة وعند اليونانيين جهالة! * هذه هي أعمال الله العجيبة، هذه هي أفكار الله التي ليس ما يشبهها بين أفكار البشر. ليتوقف الفضوليون عن فضولهم وليبحثوا معنا عما هو أسمى وأرفع، يبحثوا عن الأمور الأكثر نفعًا، التي إذا ما أدركوها يتهللون فرحًا! القديس أغسطينوس إذ يتحدث المرتل عن عجائب الله في حياة البشرية يضيف: "أخبرت وتكلمت وكثروا أكثر من العدد" [5]. عجائب الله لا يمكن أن تُستقصى من جهة الفكر ومن جهة النطق والعمل، فهي أعظم من أن ندرك كل أسرارها بفكرنا أو نشهد لها بلساننا أو نَحصيها في الواقع العملي. يعلق القديس أغسطينوس على تعبير "أكثر من العددد"، موضحًا أن عمل الصليب العجيب قد ضم الكثيرين إلى أورشليم العليا ليتمتعوا بالأمجاد الإلهية... هؤلاء معروفون لدى الله ومحصيون، غير أن الكنيسة في العالم تضم معهم كثيرين يحملون شكليات الإيمان، أو الإيمان غير العملي هؤلاء "أكثر من العدد". * لاحظوا أعمال الله العجيبة. "أخبرت وتكلمت وكثروا أكثر من العدد" [5]. يوجد "عدد" ويوجد ما هو "أكثر من العدد". هناك عدد ثابت يخص أورشليم السماوية؛ لأن الرب "يعرف خاصته" (2 تي 2: 19)؛ يعرف المسيحيين الذين يخافونه، الذين يؤمنون به، الذين يحفظون الوصايا، السائرين في طريق الله، الحافظين أنفسهم من الآثام، إذا ما سقطوا يعترفون بخطاياهم؛ هؤلاء ينتسبون إلى "العدد".. ما أعظم عدد المؤمنين المجتمعين معًا؟! وما أكثر الجموع التي تتلاحم سويًا! كثيرون قد آمنوا؛ وكثيرون لهم مظهر الإيمان فقط. الذين تغيّروا بالإيمان حقًا هم قلة، أما الذين لهم مظهر التقوى فهم الأغلبية، لأنهم "كثيرون أكثر من العدد". القديس أغسطينوس * "العدد" يخص القديسين المعينين أن يملكوا مع المسيح. الآن يمكن لأناس أن يدخلوا الكنيسة زيادة عن العدد، إنهم لا يقدرون أن يدخلوا ملكوت السموات . * لا تتعجب لكثرة عدد المسيحيين الأردياء الذين يملأون الكنيسة، والذين يشتركون في المذبح، والذين في ضجيج يمتدحون الأسقف أو الكاهن عندما يعظ عن السلوك الصالح. قد سبق التنبوء عن أمثال هؤلاء... وتحقق ما جاء في المزمور: "أخبرت وتكلمت وكثروا أكثر من العدد" [5]. يمكنهم أن يعيشوا معنا في الكنيسة الحاضرة، لكنهم لا يقدرون أن يبقوا معنا في مجمع القديسين الذي بعد القيامة. القديس أغسطينوس |
|