وكانَ رَجُلٌ فَقيرٌ اسمُه لَعازَر مُلْقىً عِندَ بابِه قد غطَّتِ القُروحُ جِسْمَه " مُلْقىً عِندَ بابِه" فتشير إلى صيغة المجهول ليُظهر أن الله شاء أن يكون هناك. ربما طرحه هنالك أقرباؤه أو أصحابه وهذا يَدُّلنا على انه كان عاجزًا عن المجيء بنفسه وقصدوا بطرحه هناك كي ينظر إليه الغني فيحسن إليه، إذ كان هنالك عادة في وضع الفقراء على أبواب الأغنياء والمجامع (أعمال الرسل 3: 2). فامتحن الله الغني بواسطة ذلك الفقير لكي يعطيه فرصةً ليصنع له أصدقاء من ماله. لم يذكر الإنجيل أي خطيئة للغَنِيٌّ سوى انه عاش لنفسه، وأهمل لعازر الفقير الذي على بابه الذي هو في أمس الحاجة إلى كسرة الخبز ليسدَّ جوعه ويطرد عنه شبح الموت. ولكنَّ الغني لم يشأ أن يراه. ولذلك خطيئة هذا الغَنِيٌّ لا تكمن في غِناه بل في حُبِّه للعالم وما في العالم كغاية في ذاته، حيث انه لم يرَ أبعد من شهواته وملذاته، فلم يرَ لعازر الفقير عند بابه ولم يشعر به ولم يتخذه صديقا له (لوقا 16: 19)، بل عامله كأنه ليس موجود، وأقام هُوَّةً عَميقةً بينهما. وهذه الهوة نفسها تفصل بين هاتين الشخصيتين بعد الموت.