رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كثيرا ما يثير هذا المثل شيئا من الاستغراب، لأنه، على ما يبدو، يجعل من الوَكيل الخائن قدوة حسنة يقتدى بها. إذا صح أن هذا الوَكيل هو قدوة، وليس ذلك إلا نظرا لفطنته. فالمثل يدعونا أن نعيش نحن كوكلاء الله، كل ما هو بين أيدينا من عمل يديه أو عطيَّة من عنده، سواء مواهبنا أو قدراتنا أو دوافعنا أو عواطفنا أو ممتلكاتنا حتى جسدنا وأوقاتنا. لقد استعمل الوَكيل الخائن ما ليس له وما لا يستطيع الاحتفاظ به، لكي يحصل على ما يحتاجه لاحقاً. لقد صنع صداقات واشترى شراكات مستقبلية بمال لا يخصّه. فما يشيد به يسوع في هذا الوَكيل الخائن ليس خداعًا للأمانة، بقدر الطريقة التي يُقرر بها مواجهة الموقف الصعب الجديد في حياته. نحن وكلاء، سنعطى حسابًا عن كل كلمة نتفوه بها، لان غاية الله من هذه الوَكالَة أن نحمل سماته فينا التي تتمركز في "الأمانة". إن كان الله قد دعي "الأمين" كما جاء في تعليم بولس الرسول "هو اللهُ أَمينٌ دَعاكُم إلى مُشارَكةِ اَبنِه يسوعَ المسيحِ رَبِّنا"(1 قورنتس 1: 9) فإنه يود في أبنائه أن يكونوا أمناء على مثاله، إذ يوصينا: " كُنْ أَمينًا حَتَّى المَوت، فسأعْطيكَ إِكْليلَ الحَياة " (رؤيا 2: 10). فنحن أمام الله وكلاء لا ملاّكون. كل ما نملك من مال، خيرات، صفات، إمكانيات عقلية وفكرية وعاطفية وأدبية سنؤدي عنه حسابا. ما الإنسان إلاَّ وَكيل والله هو الملاّك. من هنا لا حق لنا في تبذير "مال " الله. وسنؤدي حساباً عن الغنى الذي لم نستثمره. إن الحياة المستقبلية ثمرة ونتيجة للحياة الحاضرة، وان الطريقة التي بها يتصرّف الإنسان بمتاع الدنيا تحدِّد مصيره في الحياة الآخرة. لذلك لا يستحسن أن نضيع الموارد التي لدينا، لأنها ملك لله وليس لنا. ولذا ينبغي علينا أن نستخدم مواردنا المادية بطريقة تساعدنا في الحياة الأبدية. لآن استخدام المال كغاية في حد ذاته سرعان ما يفصلنا عن الله وعن المحتاجين. وإن مفتاح استخدام المال بحكمة هو استخدامه في تحقيق مقاصد الله بدلاً أن نكدس المال لأنفسنا؛ وذلك تلبية لوصية السيد المسيح "بيعوا أَموالَكم وتَصَدَّقوا بِها واجعَلوا لَكُم أَكْياساً لا تَبْلى، وكَنزاً في السَّمواتِ لا يَنفَد، حَيثُ لا سارِقٌ يَدنو ولا سوسٌ يُفسِد." (لوقا 12: 33). فالإنسان لا يستطيع أن يفصل بين ما يؤمن وما يعمل. وما يكنزه يكشف عن أولوياته الحقيقية واهتماماته الفعلية بالأشياء التي تنفق فيها وقته وماله وطاقته " فحَيثُ يَكونُ كَنزُكُم يَكونَ قَلبُكم " (لوقا 12: 34). |
|