البتول القديسة فليس لها الا أبنٌ طبيعي واحدٌ فقط، وهو كلي الجمال وسامٍ في البهاء على أولاد آدم كافةً، وهو موضع الحب الكلي، لأنه حاوٍ كل الصفات الموجبة حبه. وهو مطيعٌ وديعٌ عذبٌ بارٌ قدوسٌ، مالكٌ على كل الفضائل الفائقة سمواً، ويكفي القول عنه أنه متأنسٌ، ثم أن الحب الذي لهذه الم الإلهية نحوه تعالى لم يكن مقسوماً فيما بينه وبين موضوعاتٍ أخرى، بل أنها وضعت حبها بجملته في هذا الأبن الوحيد، ولم يكن عندها خوفٌ من أن تفرط بحبه الزائد المتفاوت الحدود، اذا تركت لذاتها العنان بتعلق قلبها الشديد به. لأنه في الوقت عينه الذي فيه هو أبنها، ففيه نفسه هو إلهها المستحق أن يحب فوق كل شيءٍ حباً غير متناهٍ. فأبنٌ هذه صفاته قد وجد هو هو عينه الضحية التي هذه الأم ألتزمت بأن تقدمها أختيارياً للموت.*