رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تضرع وثقة: تعرَّف المرتل على الإيمان والرجاء كمصدر نصرة وغلبة لا على الأعداء من أجل مطامع شخصية، وإنما على الأعداء الخفيين لئلا ينحصر عن طريق الحق فيشارك الأشرار شرهم، مستخدمًا ذات فنونهم من خداع وغش، فيكون نصيبه مع نصيبهم. إنه يطلب من الله بإيمان ألا يتركه لذاته حتى لا يهلك معهم، قائلًا: "لا تجذب نفسي مع الخطاة ولا تهلكني مع فاعلي الإثم، المتكلمين بالسلام مع أصحابهم، والشرور في قلوبهم" [3]. يطلب المرتل من الله ألا يحصيه مع الأشرار الذئاب والحيات المخادعين، المنافقين، المحتالين والمرائين. فإن الله بكونه الراعي الصالح الحقيقي يعرف أن المرتل هو حمل وليس ذئبًا في ثوب حمل. المرتل الحقيقي لهذا المزمور هو ربنا يسوع المسيح الذي أُحصى مع الأثمة (إش 53: 12)، وقد حمل خطايا العالم كله (1 يو 2: 2). ودخل بسببنا إلى الجحيم، لكن نصيبه ليس مع الأشرار، لأنه لم يصنع شرًا ولا وُجد في فمه إثم. نزل مع الأشرار لكي يفصل المؤمنين الحقيقيين عن الأشرار غير المؤمنين، فيحمل مؤمنيه كغنائم على كتفيه، ويصعد بهم من الجحيم إلى حضن الآب يشاركونه أمجاده الأبدية. إن كان مسيحنا حلَّ بين الخطاه، ولم يشاركهم شرهم، بل قدَّم حياته مبذولةً لكي يحملهم من الشر إلى الحياة المقدسة، هكذا يليق بنا نحن أعضاء جسده ألا نحتقر الخطاه بل الخطية، نعتزل الشر ذاته، فنعيش في العالم ولكن كمن في السماء يحملنا روح الله القدوس إلى هيكله مقدسًا حياتنا، حتى لا يكون مصيرنا مع الأشرار. في العالم لا يُفصل الأبرار عن الأشرار، لكنه يليق بكنيسة الله المقدسة ألا يكون بها أشرار، يلزمها أن تعزل الخميرة الفاسدة (1 كو 5: 7) لكي تبقى هي خميرة مقدسة قادرة أن تقدس الكثيرين في الرب. رآها المرتل: "جميلة الارتفاع" (مز 28: 2)، سِرّ جمالها أنها ترتفع كما إلى السماء، لها طريقها الملوكي الذي لا يَعبُر فيه شرير! هكذا يليق بالكنيسة أن تعتزل الشر (إش 52: 11)، تنسى شعبها وبيت أبيها القديم إبليس، لأن ربها يشتهي حسنها (مز 45). * ينصح بولس قائلًا: "اعزلوا الخبيث من بينكم"، "حتى يُرفع من وسطكم الذي فعل هذا الفعل" (1 كو 5: 2، 13). إنه أمر مرعب، ومرعب حقًا، هو مجمع الأشرار، فإن وباءهم ينتقل بسرعة ويؤثر على من يتعاملون معه كمن هم مرضى... "فإن المعاشرت الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة" (1 كو 15: 33)... ليته لا يكون لأحد صديق شرير. القديس يوحنا الذهبي الفم من هم هؤلاء الأشرار الذين يُريد المرتل اعتزال حياتهم لكي لا يشاركهم مصيرهم الأبدي؟ يركز المرتل على المنافقين المخادعين الذين يتكلمون بالسلام بينما يربض الشر في قلوبهم، هؤلاء الذين لهم الكلمات الناعمة المعسولة التي تحمل شكل الحب لكي يصطاد العدو بها نفوس البسطاء. هؤلاء أكثر خطرًا من الوحوش المفترسة! لعل المرتل قد تطلع بعين النبّوة نحو يهوذا الأسخريوطي الذي سلم سيده بقبله مع كلمة سلام. * من هو الخروف الذي قلب نفسه ذئبًا، وبدأ يعض الراعي الصالح؟! * لماذا بالغش نسيت تلك الموهبة التي أعطاك إياها ربنا كما أعطى بطرس ويوحنا؟! * ارتعبوا أيها الحكماء من القبلات الغاشة، فإنه بواحدة منها عُّلق ابن الله على خشبة. القديس يعقوب السروجي * الخبث علم بل حرفة شيطانية خالية من الصدق، يتوهم صاحبه أنه يخفيه من أكثر الناس. المراءاة سجية محبوكة بكل أنواع الحيل يظهر فيها الجسد بمظهر منافٍ لما في النفس. البراءة سجية نفس سليمة، مطمئنة، بعيدة عن أي تحايل... عديم الخبث هو من كانت نفسه نقية كما فطرت، ويعمل بوحي تلك النقاوة... الخبث نبي كاذب. القديس يوحنا السُلّمي على أي الأحوال، من يحرص ألا يشارك الأشرار شرورهم يحق له الرجاء ألا يشاركهم عقاباتهم. "إعطهم كحسب أعمالهم ومثل خبث صنائعهم. واعطهم نظير أعمال أيديهم. جازهم كأفعالهم" [4]. ليست هذه لغة ألم وانتقام، ولا هي باللغة التي تتعارض مع الصلاة من أجل أعدائنا، وإنما هي نبوة خاصة عن هلاك المهلكين. يعرف المرتل أن البشر يحصدون حتمًا ما يزرعونه وليس شيئًا آخر. ويرى الأسقف وايزر Weiser أن أعضاء الجماعة التي دخلت مع الله في عهدٍ، أرادوا التعبير عن انفصالهم فعلًا وعملًا عن العناصر الجائرة التي في وسطهم (تث 27: 11 الخ). علّة خبثهم وخداعهم العمى الذي أصاب بصيرتهم الداخلية، فلم يتسلموا بصمات حب الله في أعمال خليقته وخلاصه والأحداث الجارية، فحرموا أنفسهم من الله مصدر بنيانهم، ليفقدوا حتى ما نالوه بالطبيعة، وعوض السمُو ينحطون، وعوض البناء يُهدمون. تُنزع نعمة الله عنهم فينحلون تمامًا. "لأنهم لم يفهموا أعمال الرب، ولا صنائع يديه. تهدمهم ولا تبنيهم" [5]. يحصد غير المؤمنين ثمر خبثهم وشرهم وعماهم الروحي؛ خداعهم يخدعهم فيهلكون. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 119 | لأني بكلامك وثقت |
تضرع تائب |
تضرع تائب |
اسمع تضرع عبدك |
تضرع الفقير |