يعلن للعالم عظم خيرية صلاحه الغير المتناهي، وبالتالي لأجل أنه كان يلزم لهذه الغاية أن يختار له تعالى أماً في الأرض. فعندما كان يتأمل ليرى من هي فيما بين أفراد الجنس النسائي بأسره تلك التي هي أعظم قداسةً منهن كافةً، والأعمق تواضعاً من جميعهن، فمريم العذراء وحدها وجدت فيما بينهن كلهن متصفةً بذلك ومستحقةً هذه المرتبة، لأنها بمقدار ما كانت هي كاملةً في الفضائل، فبأكثر من ذلك كانت عند ذاتها ساذجةً حقيرةً مملؤةً من التواضع، ولهذا قال عنها الروح القدس: أن الملكات هن ستون والسريات ثمانون والشواب لا عدد لكثرتهن، أما حمامتي وكاملتي فواحدة هي: (نشيد ص6ع7) فاذاً قال الرب أن هذه قد أخنرتها أماً لي. فلنلاحظ اذاً الآن في هذا الجزء كيف أن مريم البتول لم تقدر أن تواضع ذاتها في سر التجسد أكثر مما تواضعت به. تاركين للجزء الثاني التكلم عن كيف أن الله لم يقدر أن يرفع هذه العذراء أكثر مما رفعها* †