((اللـــه محبة)) هذا يعني أن ملكوت اللـــه ((سعادة)) , وأن صلاتنا ليأتِ ملكوتك تعني ليذهب كل بغضٍ وكل ألم , وكما يقول الأدب النسكي بجملة مختصرة (( ليذهب العالم "بصورته الحالية المشوّهة" وليأتِ ملكوتك "العالم بصورته المُنتظرة" )) .
كيف يأتي هذا الملكوت ؟ وكيف يتحقق هذا الهدف ؟ وكيف تصل المسيحية بالعالم إلى غايته هذه الحقيقية ؟
يوضح الكتاب المقدس والتاريخ البشري أن المحاولة الإنسانية لم تكن دائماً صادقة , ولم تكن أيضاً على الدوام ناجحة ! وما يوضحه الكتاب أيضاً أن اللـــه لم يترك هذه التجارب تتوه , لذلك دخل هو إلى التاريخ بجانبنا , لا ليلغي إرادتنا لكنه ليسند ضعفنا ويحيطنا بوصاياه , ويحفظنا مساهماً بشكل جذري في إعانة خياراتنا , وتقوية إرادتنا الخيّرة . ((لم يأنف )) حتى من حمل بشرتنا في تجسده , ليشاركنا طبيعتنا البشرية , ليدخل في النهاية غلى تاريخنا ويثبت طريقنا في دروب السلام ((بعد أن ضللنا)) .
لقد شاء إلـــهنا حين عاديناه أن يحبنا أكثر ويأتي إلينا . إلـــه لا يجازي ضعفنا وخطايانا , لا بل (( حيثما تكثر الخطيئة تكثر النعمة )) وحين نضلّ يأتي , وحين نعادي يفدي , إنه صاحب مبدأ ((الابن الضال)) و ((الخروف الشارد في الجبال)) و ((الراعي الصالح)) الذي يبذل نفسه عن الخراف .
+++
من كتاب : السائحان بين الأرض والسماء
لسيدنا بولس يازجي