رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصرات المسيح المقبلة: الشكر الحقيقي الذي يقدمه المَلِك والشعب لا يكمن في تمجيد الماضي وإنما بالحري من أجل الثقة في عمل الله معهم في المستقبل. لقد عَلَّم المرتل شعبه أن يتطلعوا إلى الماضي بفرح مُمَجّدين عمل الله معهم حتى يثقوا في الله الذي يهب الخلاص من الأعداء مهما بلغت قوتهم. هو الذي خلصهم ويُخلصهم ويبقى يُخلصهم في المستقبل. لذا يصف المرتل هنا الأعداء وتخطيطاتهم ومصيرهم: "تظفر يدك بجميع أعدائك، ويمينك تظفر بجميع مبغضيك تجعلهم مثل تنور نار في آوان وجهك. يا رب بغضبك تُقلقهم، وتأكلهم النار" [8-9]. إن كان الرب بصليبه قد مزق صك خطايانا، وشّهَّر بعدو الخير وكل قواته؛ عند مجيئه الأخير سيحطم مملكته تمامًا. يجعله كأتون النار لأنفسهم، وذلك " في أوان وجهك"، أي في زمان مجيء الرب للدينونة؛ زمان الغضب. شَبَّه أعداء الملِك والذين هم أنفسهم أعداء الله، بالعُشْب الجاف والكلأ، الذي يُوقد به في التنور (الفرن)، ويُلقى في نيرانه. وقد تكررت الكلمة المقابلة للتنور oven 15 مرة في النص العبري والكلمة التي تقابل فرن furnace أربع مرات، هذه الصور تُعبّر عن هلاك أعداء الله، إذ يبيدون كقطع خشبية قد زُجَّت في الفرن، فيهلكون تمامًا. وتُستخدم كلمة "نار" في الكتاب المقدس أحيانًا للتعبير عن غضب الله (راجع تث 4: 12؛ 5: 22-25؛ مز 18: 14) وعن يوم الرب الانقضائي (الاسخاتولوجي) (عا 1: 4-14؛ 2: 2-5؛ ملا 3: 2؛ 4: 1)[439]. ويقول سفر الرؤيا عن الأشرار: "يتصاعد دخان عذاباتهم إلى الأبد". لا يعني غضب الله كراهية أو انتقامًا لنفسه، وإنما يختار الأشرار لأنفسهم أن يكونوا عشبًا زائلًا ويرفضوا أن يَنْعموا بموضع في الحضن الإلهي. إنهم يعدون أنفسهم بمحض إرادتهم ألا يقبلوا مراحم الله ليشتركوا في أمجاده. "وثمرتهم من الأرض تهلك، ونسلهم من بني البشر" [10]. جاءت كلمة "ثمرة" في العبرية "أولاد" فالحديث عن الأولاد كثمر هو حديث قديم جدًا (راجع تك 30: 2؛ تث 7: 13؛ 28: 4؛ مز 127: 3؛ 132: 11؛ إش 13: 18؛ مرا 2: 20؛ هو 9: 16؛ مي 6: 7). في المسيح يسوع ربنا تهلك ثمرة إبليس وكل أبنائه، أي الخطايا التي تربض في القلب كما في الأرض. بنعمة الله لا يُتْرك لهم أثر في قلوبنا أو أفكارنا أو عواطفنا، فنقول مع موسى النبي: "لا يبقى ظلف" (خر 10: 26). إذ يُحوّل الرب قلوبنا إلى السماء تتبدد ظلمة إبليس وكل أعماله، فلا يوجد في داخلنا تراب أو أرض يمكن للعدو أن يركض فيها، لذا قيل "ثمرتهم من الأرض تهلك". ربما يعني بالأرض الجسد، فلا يكون للعدو ثمر في جسدنا كما لا مكان له في نفوسنا؛ إذ يتقدس الإنسان بكُليّته: الجسد والنفس معًا. "لأنهم أمالوا عليك شرورًا، وتشاوروا مشورة لم يستطيعوا إقامتها" [11]. أعداء المسيح أقوياء لكنهم أمامه ضعفاء للغاية. إنهم مملؤون دهاءً وشرًا، يدبرون بالخبث مكائدهم ضده وضد كنيسته، لكنه أخيرًا يفشلون إذ "لا يستطيعون إقامتها". إنهم كالأفعى تحمل سمًّا لكن رأسه مهشم، وكالأسد يزأر لكنه أسير! يقول الأب قيصريوس أسقف آرل: [إن هذه النبوة قد تحققت عندما زعم الجنود الأشرار أن التلاميذ جاءوا ليلًا وسرقوا جسد السيد المسيح وهم نائمون، لأنهم لو كانوا مستيقظين لحرسوا القبر؟ ولكن إن كانوا نائمين فكيف علموا ما حدث؟] بقولهم هذا أكدَّوا القيامة وهم لا يدرون؟ |
|