فأمرٌ واضحٌ هو أن من يدخل وسيطاً فيما للصلح، لا ينبغي أن توجد فيما بينه وبين االمهان من الفريق المهين أدنى عداوةٍ. وبأكثر من ذلك يلزمه أن يكون ناجياً من الأشتراك بجريرة الأهانة عينها. لأنه كما يقول القديس غريغوريوس الكبير: أنه لكي يستعطف خاطر القاضي ويهدئ غضبه لا يحب أن يمضي إليه وسيطاً بذلك، رجلٌ يكون عدواً له، والا فعوضاً عن أكتساب رضوان القاضي وأجتلابه الى الصفح يشتد بالأكثر رجزه ضد المذنب. ولهذا اذ كان يلزم أن مريم تدخل وسيطةً للصلح فيما بين الله والبشر، فبكل الوجوه واللياقة كان يلزمها أن لا توجد هي أيضاً مدنسةً بالخطيئة، ولا تظهر أمامه تعالى مشابةً بالعداوة له عز وجل، بل كان يقتضي أن توجد بكليتها صديقةً له بريئة من الذنب، ناجية من دنس المعصية.*