رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الضرب: تظهر نظرة الله المقدسة للحياة الإنسانية ليس فقط في عدم القتل، وإنما أيضًا في عدم احتماله أذية إنسان، أيًّا كان. فإن أُصيب عبد أو أمَة إصابة مستديمة يتحرر فورًا [26]، وإن حدثت أذية لإنسان حرّ فعين بعين وسن بسن ويد بيد ورجل برجل... حتى يتأدب الضارب ويتعظ الشعب كله. على أن الشريعة بهذا منعت المضروب أن ينتقم لنفسه بأكثر مما أصابه. فنحن نعلم أن الإنسان في طبعه البدائي لا يسكت غضبه إلاَّ بانتقام أشد، لأن الضارب هو الذي ابتدأ، لكن الشريعة أرادت أن تضع له حدًا، حتى متى نضج الإنسان روحيًا يعرف كيف يقابل الشر بالخير. وقد تحدث القديس أغسطينوس عن خمس درجات للحب والغضب هي: الدرجة الأولى: هي رغبة الإنسان في الاعتداء على أخيه بلا سبب، كما يحدث في القبائل البدائية التي تثور على بعضها البعض في أنانية. الدرجة الثانية: هي ألاَّ يبتدئ الإنسان بالاعتداء، وإنما إن أُعتدى عليه يرد الاعتداء مضاعفًا. الدرجة الثالثة: هي إذا أُعتدى على الإنسان يرد الاعتداء بذات الاعتداء، ولا يتجاوزه، أي عين بعين وسن بسن ويد بيد ورجل برجل... وقد رفعت الشريعة الموسوية الإنسان عن المرحلتين السابقتين ودخلت به إلى هذه المرحلة، وهي ليست بقليلة في ذلك الوقت. إنها لا تُلزم المضروب أن يرد العين بالعين لكن تمنعه من أن يرد العين بعينين! ليست تصريحًا برد الضرر بضرر مساوٍ له لكنها منعت من رده بضرر أكبر. الدرجة الرابعة: رد الضرر بضرر أقل لأجل التأديب فقط. الدرجة الخامسة: رد الضرر بالحب، ومقاومة الشر بالخير، ومعالجة المعتدي كمريض... وهذا ما رفعنا إليه السيِّد المسيح في عظته على الجبل (مت 5: 43-48)، فنمتثل بالله أبينا الذي يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين. نعود للشريعة الموسوية لنجدها تعطي المضروب حق نوال تعويض عما أصابه، فيدفع له الضارب ثمن العلاج، وأيضًا تعويضًا عن بطالته [18-19]. |
|