القدِّيس إكليمنضس السكندري
النوم
خصص القدِّيس إكليمنضس فصل 9 من الكتاب الثاني لعمله “المُربِّي” عن النوم. يكشف في مقدمته عن مشاعر المؤمن في نهاية الله، أنه قضى يومًا سعيدًا، قُدم له كهبة من الله. يقول: [بعد تناولنا لطعام العشاء نتوجه بالحمد والشكر لله، إذ تفضَّل علينا بقضاء يومٍ سعيد.]
النوم عل الرياش الناعمة مضر، لأنه أجسامنا تسقط (وسط الفراش) وكأنها في داخل حفرة متثائبة، وذلك بسبب نعومة الفراش.
الأسرَّة ذات الجوانب الفضية والمصنوعة من العاج، هي للمباهاة والتفاخر، مما يجعلها لا تليق بالذين تقدَّسوا؛ وهي مدعاة للكسل وتفضيل راحة الجسم على الأمور الروحية.
لدينا يعقوب (مثال)، هذا الذي افترش الأرض نائمًا، وكان الحجر بمثابة وسادة لرأسه، ومع ذلك تأهل لرؤيا فوق مستوى أي إنسانٍ. لذلك يلزم أن يكون فراشنا بسيطًا، ليس فيه إسراف، مُصممًا بطريقة يتفادى التطرف في الرفاهية من ناحية، والصلابة من الناحية الأخرى.
الفراش المتوسط النعومة يناسب الرجولة على وجه الخصوص، لأن النوم يلزم ألا يكون من أجل الخمول الجسد تمامًا، بل لمجرد الاسترخاء… فالنوم ليس من أجل الرفاهية أو الكسل، بل من أجل الراحة بعد النشاط. يليق بنا أن ننام بحيث يسهل إيقاظنا.
لكي لا يؤذينا النوم، إلاَّ بقدرٍ قليل، فلا تكون كمن يسبحون وقد تعلَّقت بهم أثقال كثيرة فيغرقون في القاع. ومن الجانب الآخر ليكن الاعتدال هو ما يرفعنا من الهوَّة السحيقة، ويبلغ بنا إلى مكاسبٍ نجنيها في اليقظة.