رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في ديرِ القدِّيسِ بولس الموجود في جبل آثوس تُحفظ واحدةٌ من الأَيقوناتِ النَّادرةِ للعذراءِ مريمَ الَّتي تُسمَّى "عذراء المراية". هذه الأَيقونة محفوظةٌ بوقارٍ في هيكلِ كنيسةِ الدَّير الأَساسيَّة، وَتُعتبر من الذَّخائرِ النَّفيسةِ وَالثَّمينةِ، ذاتَ قيمةٍ روحيَّةٍ وَتاريخيَّة، ليس فقط لجبلِ آثوسَ إِنَّما للعالمِ الأُرثوذكسيِّ الَّذي يوقِّر بكلِّ احترام أَيقونات القدِّيسين وَالرَّبِّ يسوع وَالعذراء مريم! أَمَّا قصَّة أَيقونة "عذراء المراية" فتعود إِلى عهدِ القدِّيسةِ ثيوذورةَ المعيَّد لها في الحادي عشر من شهرِ شُباط، المعروفةِ آنذاك «بثيوذورة أَفغوستا». القدِّيسة ثيوذورة تمتَّعت بجمالٍ أخَّاذ وَذكاءٍ نفَّاذ، أَخذت التَّقوى وَالإِيمانَ عن أُمِّها ثيوكتسيتا وَكانت زوجةً للأَمبراطور ثيوفيلوس المحارب للأَيقونات وَلذخائر القدِّيسين (٨٢٩-٨٤٢). كانت الأَمبرطورةُ ثيوذورة، وَبحسب التَّقليد، تحتفظُ بهذه الأَيقونةِ في غرفتها، وَكانت تُصلِّي أَمامها وَبمنأًى عن زوجِها المحاربِ الصَّلب للأَيقونات! ميزةُ هذهِ الأَيقونةِ أَنَّه كان لها وجهانِ: على الأَوَّل أَيقونة والدة الإِله، وَعلى الوجه الآخرِ مرآة. أَمام هذه الأَيقونة كانت تُصلِّي يوميًّا. في يومٍ من الأَيَّامِ، بينما كانت تسجدُ لها كعادتِها، رآها أَحدُ خدمِ القصرِ ففهمَ أَنَّ الإِمبراطورةَ تُخفي أَيقونةً ما في غرفتها عن عين الأَمبراطورِ… عندما سُئلت القدِّيسةُ ثيوذورة من قبلِ زوجها حاثًّا إِيَّاها لتعترفَ أَجابت بكلِّ جرأَةٍ «أَنَّها لا تسجدُ لجمالِها المخلوق أَمامَ المرآة، إِنَّما تسجدُ أَمامَ الجمالِ المعكوسِ على الأَيقونةِ وَالَّتي تعكس صورتَنا». يُقال إِنَّه، بعدَ هذه الحادثةِ، أَخذت القدِّيسةُ تُصلِّي أَمامَها بحرارةٍ لكي يكفَّ زوجَها الأَمبراطور حربهُ ضدَّ الأَيقوناتِ المُقدَّسة، معتصمةً بالصَّبرِ وَالوداعةِ في مواجهةِ تعنُّت زوجِها، إِلى أَن نجَحت في نهايةِ المطافِ، وَوضعَت حدًّا لذلك كما يُقال، حسبِ كاتبِ السِّنكسار، إِنَّ مرضاً استبدَّ بزوجِها الأَمبراطور، وَإِنَّه قبَّل أَيقونةً عرضَتها عليهِ القدِّيسةِ زوجتهُ قبلَ أَن يلفظَ أَنفاسهُ بقليلٍ. هذا دليلٌ على أَنَّه، وَبفضلِ صلواتِها وَقبلَ وفاتهِ، رضيَ أَن يسجُد للأَيقونةِ! هذه الأَيقونة محفوظةٌ منذُ أَيَّام تأسيسِ الدَّيرِ على يد القدِّيس بولس الآثوسيّ، أَي منذ القرن العاشر حتَّى اليوم! يوقِّر رُهبان دير القدِّيس بولس أَيقونة "عذراء المراية" بشكلٍ كبيرٍ وَيعتبرونها كذخيرةٍ من ذخائرِ القدِّيسينَ نظرًا لأَهمِّيَّتها التَّاريخيَّة إِذ هي تعود إِلى عصرِ حربِ الأَيقوناتِ من جهةٍ، وَمن جهةٍ أُخرى لأَهمِّيتها الرُّوحيَّة، لأَنَّه، وَعلى يدِ القدِّيسة تيوذورة، تمَّ وضع حدٍّ لهذه الحرب الَّتي دامت سنواتٍ طوالاً. وَأَقرَّ المجمع المسكونيُّ السَّابع واجب إِكرام الأَيقونات حيث رُفعت من جديد باحتفالٍ مهيبٍ في الأَوَّل من آذار ذلك العام، وَبِتنا نحن أَيضًا نحتفلُ بهذا النَّصرِ ليس للأَيقونةِ فقط بل لكلِّ عقيدةِ تجسُّد المسيح في الأَحدِ الأَوَّل من الصَّوم. أَيقونة "عذراء المراية" يحتفلُ الدَّير بها يوم عيد رفع الأَيقونات، في الأَحدِ الأَوَّل من الصَّوم، حيث كُتبت لها خدمةٌ ابتهاليَّةٌ خاصَّةٌ بها تُرتَّل مع خدمة التِّريودي لذلك اليوم، وَفي عيد الدَّير الكبير الَّذي يُصادِف في الثَّاني من شهرِ شباط من كلِّ سنة يوم عيد دخول السَّيِّد إِلى الهيكل المكرسَّة كنيسة الدَّير له. فبشفاعة والدة الإِله، أَيُّها الإِله الرَّحيم، كُفَّ ثوارتِ البدعِ، والهراطقةِ، وانعطف لنا نحن البشر مُسكِّنًا أَهواءَ النَّفسِ وَالجسَدِ، بطلباتها آمين. طروبارية أَيقونة عذراء المراية أَيَّتُها العَذراءُ الدَّائِمَةُ البَتُولِيَّةِ، إِنَّنا نَسجُدُ لأَيقُونَتِكِ الإِلهِيَّةِ، الَّتي كانَت لِلمَلِكَةِ ثاوذورة، في مَدينةِ البيزَنطِيِّينَ، وَلِبُولُسَ الإِلهِيَّ وَهَبتِها، لِكَي بِها تُصلِحينا. فالمَجدُ لِعَظائِمِكِ يا نَقِيَّةُ، المَجدُ لإِحْساناتِكِ، المَجدُ لِتَعَهُّدِكِ إِيَّانا يا سَيِّدَةْ. التعديل الأخير تم بواسطة walaa farouk ; 22 - 08 - 2022 الساعة 09:39 PM |
|