+ واحتدمت روح بولس في داخله وهو ينتظر السفينة. فبدأ كرازته في كورنثوس " فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ " (1كو 2: 3) على حد تعبيره شخصيًا. وكان يعمل في النهار ويكرز في الليل. وفي السبوت كان يذهب إلى المجمع ليعلن فيه أن المسيا قد جاء بالفعل وتحققت فيه كل النبوات. ولكنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا الكلام، وكعادتهم هاجوا وقاوموه، واحتملهم قدر إمكانه. أخيرًا "نَفَضَ ثِيَابَهُ وَقَالَ لَهُمْ: دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا بَرِيءٌ. مِنَ الآنَ أَذْهَبُ إِلَى الأُمَمِ" (أع 18: 6).
وترك المجمع ودخل إلى بيت "يُوسْتُسُ" الذي أصبح من تلك الساعة مركز الكرازة، وكان بين مستمعيه السكارى واللصوص والزناة وخريجو السجون جنبًا إلى جنب مع المحتشمين الصالحين. ولكن قلوبهم جميعًا قد امتلأت من سلام الله وسطعت عيونهم بنور الرجاء. فقد ذاقوا وعرفوا ما أطيب الرب، هذا الذي جاء ليدعو خطاة إلى التوبة. وامتلأ بولس فرحًا وثقة، وتعجب من نفسه، كيف خامرته الخيبة.