بهذا الإيمان والاطمئنان، وقف القديس أثناسيوس يحارب الأريوسية. بكل ما كان للأريوسية من صلة بالإمبراطور، وتأثير عليه وعلى حاشيته. بل بكل ما كان لها أيضًا من تضليل للشعب، وضغط على الأساقفة وإقناع لبعضهم، وإثارة جو عام من الشك. حتى قيل لهذا البابا المؤمن:
[العالم كله ضدك يا أثناسيوس ] فأجاب [وأنا أيضًا ضد العالم ]
وهكذا لم ترهبه قرارات النفي من الأباطرة، ولا قرارات الحرم من بعض الأساقفة، ولا الشكوك المنتشرة في كل مكان، ولا الاتهامات الباطلة التي يلصقونها به. وإنما ظل يطوف من بلد، بكل ثقة، يعلم ويقنع، ويزيل الشكوك، ويثبت الناس في الإيمان، ويكتب الردود والمقالات، ويدحض براهين الأريوسيين.. إلى أن انتصر أخيرًا، الإيمان على يديه. وقال القديس جيروم:
[مر وقت، كاد فيه العالم كله أن يصبح أريوسيًا، لولا أثناسيوس ]
هذا هو الإيمان الذي لا يعرف خوفًا ولا اضطرابًا، ولا تهزه الأحداث، بل يحتفظ بسلامه وسط النيران المتقدة إلى أن يطفئها الله.. إن إيمان القديس أثناسيوس بالعقيدة التي كان يدافع عنها، منحه قوة جبارة، وقف بها ضد جميع المقاومات. وكل قوة أثناسيوس، إنما تكمن في إيمانه، الإيمان الذي يستطيع أن يصنع الأعاجيب.