لا يُهِمَّكُم أمرُ الغَد، فالغَدُ يَهتَمُّ بِنَفْسِه.
ولِكُلِّ يَومٍ مِنَ العَناءِ ما يَكْفِيه.
"العَناءِ" في الأصل اليونانيκακία (معناها شر) فلا تشير الى شرّ الخطيّة، وإنما الى "التعب" والمشاكل التي نقابلها. فلا نهتم بما سنتعبه غدًا، إنّما يكفي أن نتعب اليوم ونجاهد، وكأن الله يمنعنا من القلق في المستقبل، ويَحثّنا على الجهاد في الحاضر. وهذا ما حدث مع الشعب العبري في خروجه الى الصحراء وهو بحاجة الى الخبز اذ قالَ لَهم موسى: "لا يُبْقِ أَحَدٌ مِنه شَيئاً إِلى الصَّباح" (خروج 16: 19). وخلاصة القول تُعتبر هذه الآية مثلا مقتبسا من أمثال الحكمة الشعبية القديمة الذي ينص بعدم تكديس الهموم ليوم غدٍ، بل لنعش هموم اليوم الحاضر فقط، وسياتي الغد بهمومه. لكن يسوع أعطى هذه الحكمة بُعداً جديداً، فالإيمان بالله الآب يُخلص الانسان من قلق الغد، لن يكون الانسان غدا وحده، لان نعمة الله ستكون معه. نحيا يومنا ونترك غدنا لنعمة إلهنا. لذلك من الخطأ ان نقلق او نرتبك بخصوص المستقبل. فالعبادة الحقيقية هي حياة بلا قلق كما يقول صاحب المزامير "أَلقِ على الرَّبِّ حِملَكَ وهو يَعوُلكَ ولا يَدَعُ البارَّ يَتَزَعزَعُ لِلأَبد" (مزمور 55: 23). هذه الآية هي خلاصة ما سبق بحيث لا نهتم بالاحتياجات المستقبلية بل لنثق بالله وبعنايته الإلهية.