كثيرون — بما في ذلك الروّاد في العلم، والتعليم، والسياسة، والدين — يقومون بتحليل مأزق البشريّة من خلال افتراضهم صحة نظريّة التطور الطبيعيّ. وتستنتج هذه النظريّة أن الشر جزءٌ لا يتجزّأ من النسيج الأصليّ الذي نُسج منه تاريخ البشر. على سبيل المثال، كتب الفيلسوف الفرنسيّ بول ريكور الآتي:
نحن نشعر أن الشر نفسه جزء من تدبير الوفرة [المترجم: تدبير الوفرة هو تدبير نعمة الله ومنحه لكل شيء بوفرة على أساس المبدأ الكتابي: حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا، مطالبًا الإنسان أيضًا بموجبه بأن يحب الآخرين فوق الطاقة حتى محبة الأعداء] … وبالتالي لابد أن نتحلّى بالشجاعة كي ندمج هذا الشر داخل ملحمة الرجاء. فبطريقة نجهلها نحن، يتعاون الشر نفسه في عمليّة تقدّم ملكوت الله، ويعمل لأجل تحقيق هذا الهدف. … وهكذا، فإن الإيمان يبرر بالفعل إنسان عصر التنوير، الذي يعد الشر بالنسبة له، داخل نسيج ثقافته في أبهى صورها، عاملاُ يؤدي دورًا في تقدم الجنس البشريّ في المعرفة؛ على خلاف التطهيريّ الناموسيّ الذي لا ينجح قط في العبور من الدينونة إلى الرحمة.