منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 06 - 2022, 11:01 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,307

التسبيح والشركة مع الله


التسبيح والشركة مع الله

سَبِّحِي يَا أُورُشَلِيمُ الرَّبَّ.
سَبِّحِي إِلَهَكِ يَا صِهْيَوْنُ .

إذ يبدأ هنا في الترجمة السبعينية المزمور 147، نجد عنوانه: "مرسوم بالليلويا، لحجَّي وزكريا".
إذ يتطلع المرتل بروح النبوة إلى العائدين من السبي إلى أورشليم، يدعو أورشليم للقيام بعملها الرئيسي، ألا وهو التسبيح للرب إلههًا.
حقًا بالعودة إلى أورشليم كانت هناك مسئوليات والتزامات على الجميع من قيادات وكهنة ولاويين وشعب، لكن العمل الأول هو التسبيح والشكر لله. يشكرون الله بألسنتهم، كما يشكرونه بأفكارهم وعواطفهم المقدسة، وأيضًا بحبهم لله ولبعضهم البعض.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم[35] أن أول الإحسانات وأعظمها جميعًا أن ينسب الله نفسه لهم، فيقول "إلهكِ". هذا التعبير يتضمن فيه كل الإحسانات الإلهية، إذ يحسبهم خاصته وورثته.
* ألا ترون عظم المنافع في شيء من التفصيل؟
أولًا: وفوق الكل قوله: "إلهكِ" [12]. بهذا التعبير يضم كل هذه المزايا معًا، إذ اختاركِ خاصته، وجعلك ميراثًا له، مفضلًا إياك مع أنه سيد عام للكل. هذا هو ذروة الخيرات.
ثانيًا: أن يشيد المدينة في أمان [13].
ثالثًا: يُكثر عددهم [13].
رابعًا:يحررهم من وجود حروب واضطراب، ليس في المدينة فقط، بل وفي كل جنسهم [14]...
يضيف إلى ذلك ميزة أخرى، وهي خصوبة الأرض ووفرة ثمارها [14][36].
القديس يوحنا الذهبي الفم
* يحتوي هذا المزمور على نبوة عن رجوع العبرانيين من سبيهم، وإعادة بناء أورشليم.
* قول النبي: "سبحي يا أورشليم" لا يقصد المدينة وحوائطها ومبانيها، بل سكانها. هكذا إذ يقول ربنا: "يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليكِ"، لا يقصد المدينة، بل سكانها الذين كانوا في ذلك الحين. وبنفس الطريقة بالنسبة لصهيون.
* قوله هنا يدل على أن أورشليم العليا الحرة التي هي أمنا نحن المؤمنين أجمعين، وعلى صهيون التي هي الكنيسة المقدسة جماعة الأبكار المكتوبين في السماء كقول الرسول الإلهي. أما عوارض أبوابها المُحكمة فهي التعاليم والمعتقدات المستقيمة التي تدخلنا إليها. وأما بركة الرب في كثرة بنيها التي تعم الأرض... وتملأ المؤمنين وتشبعهم بالمواهب الروحية.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* يمكننا القول بأن السلام مثل الحياة الأبدية هو نهاية كل ما نقيمه. لأن مدينة الله التي كرسنا لها هذا الحديث المطوَّل، قد وُجه إليها الحديث في هذا المزمور المقدس: "سبحي يا أورشليم الرب، سبحي إلهك يا صهيون. لأنه قد أسس أبوابك، بارك أبناءك داخلك. الذي جعل تخومك سلامًا..." أعتقد إني لا أثقل على قرائي إن تكلمت بأكثر إمعانًا، لأن السلام هو الهدف الأساسي لهذه المدينة التي أتكلم عنها، السلام له سحره وافتنان عزيز على الجميع.
سلام الجسد هو نظام أعضائه المكونة له، وسلام النفس غير العاقلة هو هدوء شهواتها. وسلام النفس العاقلة هو التوافق المتناغم بين الفكر والسلوك.
السلام بين النفس والجسد، هو الحياة المدبرة والصحة للإنسان الحيّ بكليته.
السلام بين الإنسان المائت والله، هو الطاعة حسب تدبير الناموس الأبدي بالإيمان.
السلام بين الشعب هو الاتفاق بتدبير حسن.
سلام البيت هو التدبير المتوافق في نظام بين الساكنين فيه.
سلام المدينة السماوية، هو التدبير الكامل في تناغمٍ تامٍ للذين في شركة مع الذين ينعمون بالله وقناعتهم فيما بينهم في الله.
سلام هذا كله هو تدبير كل الأمور لوضعها في مكانها اللائق[37].
القديس أغسطينوس
* "سبحي يا أورشليم الرب، سبحي إلهك يا صهيون" [12]. أورشليم هي رؤية السلام؛ فحيث يوجد تأمل في الله سبح الله.
لتمجدي أيتها الكنيسة الرب، لأنكِ بدأتِ أن تؤمني به، وتقتني السلام، وأيضًا بدأتِ أن تنظري السلام، أورشليم رؤية السلام.
إذ أتمتع بالحقيقة بالمعرفة، وأنعم بقلعة التأمل، أقول: سبحي الرب[38].
القديس جيروم

لأَنَّهُ قَدْ شَدَّدَ عَوَارِضَ أَبْوَابِك.
بَارَكَ أَبْنَاءَكِ دَاخِلَكِ .

في العبارتين 13 و14 يقدم لنا المرتل أربع بركات تمتعت بها أورشليم بإعادة بنائها، وتتمتع بها نفوسنا بكونها مدينة الله:
1. أمان المدينة [13] بإقامة عوارض قوية لأبوابها ضد أي غزو يمكن أن يهاجمها. هنا إشارة إلى اهتمام المؤمن بتقديس حواسه، سائلًا الله أن يقيم حراسة عليها حتى لا تتسلل الخطية إلى أعماق النفس.
2. السعادة الداخلية [13] لسكان المدينة حيث تحل بركة الرب عليهم.
3. السلام القومي .
4. فيض وبركة في المحصولات .

إذ تُدعى أورشليم إلى عملها الرئيسي عند عودة المسبيين، ألا وهو التسبيح لله بفرحٍ عظيمٍ، يليق بها أن تشدد عوارض أبوابها، لماذا؟
لكي تغلق الأبواب، كما قيل في مثل العذارى الحكيمات حيث دخلن إلى العرس، وُأغلق الباب، فلا تدخل العذارى الجاهلات.
بغلق الباب لا يُسمح للشر أن يدخل، ومن جانب آخر تبقى العروس مع عريسها كما في حجال الملك.
ليدخل عريسنا السماوي إلى قلوبنا، أورشليمه الجديدة، ولا يسمح لخطية ما أن تتسلل حيث يوجد القدوس.
* لا تسمحوا لأحدٍ أن يخرج، أو لأحدٍ أن يدخل. لا يخرج أحد، فإننا فرحون! لا يدخل أحد، نحن نخاف (الرب)...
عندما تدخلون، سيُقال: أنتم فقط كونوا في عداد العذارى الحاملات الزيت معهن![39]
القديس أغسطينوس
* يقول النبي: يا أيها الساكنون بأورشليم وصهيون امدحوا الرب إلهكم، مسبحين إياه، لأنه قوى صيانتكم وحفظكم، وجعل مدخل مدينتكم منيعًا، حتى لا يستطيع أعداؤكم الدخول إليها. ويكثر بركة بنيكم وشعبكم. أما قوله "فيكِ" (داخلكِ)، فمعناها أن نموهم لا يكون في الشتات والغربة، بل داخل تخومكم وفي أرضكم، وجعل الأمان والطمأنينة في حيازتكم.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* ماذا يعني أنه يشدد العوارض؟ إنه يقيم أمانًا، يقول إنه يجعلهم لا يُقهرون[40].
* إنه يقصد أنه يحقق النمو ليس للمشتتين أو الشعب المبعثر، بل للمجتمعين معًا "داخلك" .
القديس يوحنا الذهبي الفم
* "يحب الرب أبواب صهيون أكثر من مساكن يعقوب". تحدثنا عن الأنبياء أنهم أبواب صهيون... لنرى ما هي عوارض الأبواب. الأنبياء بحق هم عوارض الكنيسة، لا نقدر أن ندخل الكنيسة إلا من خلالهم.
رفض مرقيون العهد القديم، لكن بدونه لا يقدر أن يدخل إلى العهد الجديد. من جانب آخر، لتقبلوا الأنبياء، ولتدخلوا من خلالهم...
"كل الذين جاءوا قبلي هم سراق ولصوص". اللهم إلا إذا وهبني الرب امتياز أن أكون عارضة في أبواب صهيون .
القديس جيروم

الَّذِي يَجْعَلُ تُخُومَكِ سَلاَمًا،
وَيُشْبِعُكِ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ .

الله في محبته ليس فقط يعطي بركات، إنما "يُشبع" ويفيض بأفضل العطايا. بقوله "شحم الحنطة"، يعني أفضل أنواعها.
أما الإحسان الثاني فهو أن يجعل المدينة آمنة.
والثالث أن يزيد من عددهم ويكثرهم.
والرابع أن يحررهم من الحروب والاضطرابات، ليس فقط في المدينة بل على مستوى الشعب كله، لا في مناسبة أو مناسبتين أو ثلاث، وإنما على الدوام.
* كيف يتهلل جميعكم!
أحبوا السلام يا إخوتي!
عندما تصرخ محبة السلام في قلوبكم نبتهج جدًا...!
محبة السلام... يا أبناء الملكوت، يا مواطني أورشليم، ففي أورشليم رؤية السلام!
كل محبي السلام سعداء فيها، يدخلونها عندما تُفتح الأبواب وتغلق وتتقوى عوارضها...
هذا ما تتبعونه وتشتاقون إليه: هذا ما تحبونه في بيوتكم وفي أعمالكم وفي زوجاتكم وفي أبنائكم وفي عبيدكم وفي أصدقائكم وفي أعدائكم...
ما كنتم تصرخون به منذ لحظات عند الإشارة إلى السلام، تصرخون به عن اشتياق. صراخكم كان عن عطشِ (للسلام) وليس عن ملءٍ، فهناك (في السماء) سيكون البرّ الكامل حيث السلام الكامل[43].
القديس أغسطينوس
* النشيط الذي يضاعف غلته، يملأ بيدره، ويساند أيضًا المحتاجين في زمن العوز. تمتلئ أهراؤه من كل الخيرات، وخزائنه الداخلية من الكنوز. وآكلو خبزه يشبعون من الدسم، والشاربون من إنائه لن يعوزهم الفرح، ومن جميع غلاته يتنعمون إلى الأبد[44].
القديس يوحنا الدلياتي
* "يشبعك من أفضل الحنطة". هل لأورشليم أفضل الحنطة؟ أجب أيها اليهودي. إن كان ليس لديها، فالضرورة تقتضيه إلى الالتجاء للتفسير الروحي، في تطلعك إلى بقية المزمور...
الكلمة الإلهية هي غنى متزايد، تحوي في داخلها كل بهجة. كل ما تشتهيه تجده فيها. وذلك كما حدث مع اليهود عندما كانوا يأكلون المن كان كل واحدٍ يتذوق نوع الطعام الذي يشتهيه. كمثال، إن كان جائعًا إلى تفاحة أو كمثرى أو عنب، أو خبز أو لحم يجد طعم المن مطابقًا لاشتياقه. ونحن نتقبل في جسد المسيح، الذي هو كلمة التعليم الإلهي، أو تفسير الأسفار المقدسة المن حسبما نشتهي.
إن كنت قديسًا تجد فيها انتعاشًا، إن كنت شريرًا تجد فيها كربًا[45].
* "يجعل تخومك سلامًا". الإنسان الذي ليس في سلام مع أخيه، ليس في تخوم أورشليم[46].
القديس جيروم
* مرة أخرى يعلمهم هنا ألا ينسبوا كل شيءٍ إلى التربة ونوع الجو، بل إلى العناية الإلهية[47].
القديس يوحنا الذهبي الفم
* ترمز الساحات المترابطة للدار المحيطة بالخيمة إلى التفاهم والمحبة والسلام بين المؤمنين، ويفسرها داود بهذه الطريقة عندما يقول: "الذي يجعل تخومك سلامًا" (مز 147: 14)[48].
القديس غريغوريوس النيصي

يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فِي الأَرْض.
سَرِيعًا جِدًّا يُجْرِي قَوْلَهُ.


إن كان قد سبق فتحدث عن عطاياه لشعبه، فإنه يؤكد أنه محب لكل البشر. "يرسل كلمته في الأرض، سريعًا جدًا يجري قوله" [15]. عنايته تحتضن الأرض كلها بمسرته الفائقة. لهذا يرسل كلمته التي تعني أوامره الخاصة بعنايته ورعايته للعمل سريعًا جدًا في كل العالم.
يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أنه عند الخلقة أمر الرب البشر أن يثمروا ويكثروا، وتحقق الأمر سريعًا. أما في إعادة الخلقة حيث أمر الرب التلاميذ أن يمضوا إلى العالم أجمع، ويتلمذوا الأمم، ويعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، فإن هذا القول تحقق عاجلًا وبسرعة أكثر من الأمر الأول. وأن كرازة الإنجيل ملأت المسكونة من المسيحيين أبناء آدم الجديد المولودين في برء من الفساد، ومنحهم الحياة التي لا يتعقبها الموت (الأبدي).
* إنه يتحدث عن الكرازة الإنجيلية التي لتعاليم الرسل، لذلك يكمل فورًا: "سريعًا جدًا يجري قوله".
في كل بقعة سُمعت الكلمة، وفي كل العالم بلغت تعاليم الرسل.
لاحظوا سرعة انتشار الكلمة. إنها لم تكتفِ بالشرق، بل أرادت أن تنتشر في الغرب[49].
القديس جيروم
* بعد قوله: "سبحي إلهكِ" [12]، فلئلا يظن أي غبي أنه إله اليهود وحدهم، أظهر كيف أنه ينتمي إلى العالم كله، وتمتد عنايته الإلهية إلى كل الأرض، فينطلق مما هو خاص إلى ما هو عام، ثم إلى العناية بالمسكونة. لهذا بعد قوله: "يُرسل كلمته إلى الأرض"، أضاف: "سريعًا جدًا يجري قوله". الآن، قال هذا ليُظهر أنه لا يهتم فقط بمدينتنا، بل وبالعالم كله.
"كلمته" هنا تعني أمره، أو عمل رعايته الإلهية[50].
القديس يوحنا الذهبي الفم

الَّذِي يُعْطِي الثَّلْجَ كَالصُّوفِ،
وَيُذَرِّي الصَّقِيعَ كَالرَّمَادِ .

إذ نزل كلمة الله إلى الأرض متجسدًا لكي يضم البشر معًا، ويقيم منها جسده، الكنيسة الجامعة، فإنه يجعل منها ثوبًا أبيض كالثلج، كما حدث عند تجليه (مت 17: 2). أقام كنيسته المقدسة المجيدة، التي بلا دنس ولا غضن (أف 5: 27).
في نفس الوقت يقدم للبشرية التي تتقدس فيه نفسه كثوب برٍّ ترتديه.
* بينما كان البشر غير مؤمنين، باردين (في المحبة) كسالى، صنع لهم ثوبًا من هذا الصوف.
فلتُبسط على الصليب، لكي ما تغتسل من الدنس، وتتطهر بالإيمان، ولكي لا يكون بها غضن .
القديس أغسطينوس
* تجري كلمة الله بسرعة، وتنتشر كالثلج، والثلج نفسه كالصوف.
لتطرد أيها الرب دنسي، لتنزع كل ما هو دنيء. هب ثلجك، نقاوتك، لأذهان المسيحيين، أي نرتدي ثوبك.
المسيح هو لباسنا. إن أردنا أن نقتنيه كثوبٍ، فلنكن طاهرين كالثلج.

القديس جيروم
أما أن يجعل الصقيع كالرماد، فذلك لأن الرماد يرتبط بالتوبة والتواضع. يرى القديس أغسطينوس أن الإنسان الذي يريد أن يتعلم ويلتقي بالله، يكتشف أنه في ظلمة كما في صقيع، ويحتاج إلى التوبة بروح التواضع.
* إذا ما دُعي إنسان ليتعلم عن الله، فليُقال له: "اقبل الحق". وإذ يبدأ في الرغبة لقبول الحق يجد نفسه عاجزًا. يرى نفسه كمن هو في نوعٍ من الظلمة، وبسببها لم يكن يرى...
لا تتجولوا في الصقيع، بل اتبعوا الإيمان.
وإذ أنتم تسعون في أن تروا وأنتم عاجزون، توبوا عن خطاياكم، فإن الصقيع يُذرى كالرماد.
توبوا عن كونكم معاندين لله، توبوا عن إتباعكم طرقكم الشريرة. إنكم تأتون إلى هذه الحالة حيث يصعب عليكم الرؤية للنعيم، وسيكون لكم الصقيع نافعًا لكم حيث يذريه الله كالرماد.
أنتم أنفسكم لازلتم صقيعاً بل مثل الرماد، لأن الذين يتوبون يغلفون أنفسهم في الرماد، ويشهدون يا إخوتي أنهم مثل الرماد، قائلين لله: "أنا رماد". يقول الكتاب: "احتقرت نفسي وتبددت، حسبت نفسي ترابًا ورمادًا". (انظر أي 30: 19 Vulgate)
عندما تحدث إبراهيم مع الله، قال: "أنا تراب ورماد" (تك 18: 27)، هذا هو تواضع التائبين[53].
القديس أغسطينوس


يُلْقِي جَمْدَهُ كَفُتَاتٍ،
قُدَّامَ بَرْدِهِ مَنْ يَقِفُ؟
بعد أن شبه الكنيسة بثوب المسيح المجيد الذي يصير كالثلج بلا دنس ولا غضن، يشبه المؤمنين بالجليد الشديد الصلابة، والذي لا يُقارن بالثلج.
مع شدة صلابته يصير الجليد كفتات خبز يأكله البعض وينتفعون به. يقدم لنا القديس أغسطينوس الشهيد استفانوس مثالًا لذلك، فقد كان كالجليد الصلد وقف أمام المضطهدين بقوة، واحتمل بفرح رجمه بالحجارة.
* "يرسل بلَّوره (جليده) كفتاتٍ"... ما هو البلور crystal (الجليد)؟ إنه جامد جدًا، إنه متجمد للغاية، لا يذوب بسهولة مثل الثلج.
عندما يصير الثلج جامدًا لمدة سنوات كثيرة، ومع تعاقب الأجيال، يدعى بلورًا (جليدًا). هذا يرسله (الله) مثل فتات الخبز.
ماذا يعني هذا؟ كان جامدًا للغاية، لا يمكن مقارنته بالثلج بل بالبلور؛ لكنهم يصيرون كطعامٍ للآخرين. يصيرون نافعين أيضًا للغير[54].
القديس أغسطينوس
* "قدام برده من يقف؟" مكتوب أنه في الأيام الأخيرة تبرد محبة الكثيرين... ليت الله يهبنا ألا يزحف أي برد إلى قلوبنا. إننا لا نرتكب خطية إلا بعدما تبرد المحبة. لهذا، ماذا يقول الرسول؟ "كونوا حارين في الروح. إلهنا نار آكلة". إن كان الله نارًا، فهو نار لكي ينزع برد الشيطان.
طبيعة الميت أنه بارد، وطبيعة الحيّ أنه دافئ. فإن صار أحد باردًا ومات، يرسل إليه كلمته ويذيب (برده)[55].
القديس جيروم

يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ، فَيُذِيبُهَا.

يَهُبُّ بِرِيحِهِ، فَتَسِيلُ الْمِيَاهُ .
* "يرسل كلمته فيذيبها" ليت الثلج لا ييأس، ولا الصقيع، ولا الجليد (البلور).
فمن الثلج كما من الصوف يصنع ثوبًا.
ومن الصقيع يجد أمانًا في التوبة...
وأيضًا يدعو حتى الذين إلى فترة طويلة كانوا جليدًا جامدًا، فإنهم لن يكونوا جامدين أمام رحمة الله. إنه "يرسل كلمته فيذيبها"...
إنهم جامدون خلال الكبرياء... لا تيأسوا حتى بالنسبة للجليد.
اسمعوا قولًا من الجليد: "كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا" (1 تي 1: 13). لماذا أذاب الله الجليد؟ حتى لا ييأس الثلج من نفسه. إذ يقول: "لكنني لهذا رُحمت، ليُظهر يسوع المسيح فيَّ أنا أولًا كل أناةٍ، مثالًا للعتيد أن يؤمنون به للحياة الأبدية" (1 تي 1: 16). عندئذ دعا الله الأمم: "لتذوبوا يا أيها الجليد. تعالوا أيها الثلج".
"روحه يهب، فتسيل المياه". هوذا الجليد والثلج ذابا، وتحولا إلى مياه. "من كان عطشانًا، فليأتي ويشرب" (راجع يو 7: 17).
كان شاول جليدًا قاسيًا، اضطهد استفانوس حتى الموت. الآن بولس في المياه الحية، يدعو الأمم للينبوع (المسيح)[56].
القديس أغسطينوس
* هنا -في رأيي- يقدم سمة قوة الله غير المُقاومة وغير المحدودة في إنتاج أمورٍ من اللاوجود، ويغير ويشكِّل هذه الأمور لتحقق رغبته.
أحيانًا يغيِّر الأشياء نفسها، وفي أوقات أخرى يحرك الأمور الباقية في طرق عمل أخرى، ويسمح لعملياتها الخاصة أن تتوقف لتقوم بأعمال مناقضة للأولى.
هذا ما فعله أيضًا في حالة الأتون. كانت فيه نار، لكنها لم تحرق، بل على العكس الذين ألقوا فيها تمتعوا بنوعٍ من الندى مُسِرٍ للغاية (دا 3).
وفي حالة اليهود كان يوجد بحر، ولكن عوض المياه التي تُغرِّق، ساروا فيه، وكان في صلابة أكثر من الصخر (خر 14).
كانت هناك أرض في حالة داثان وأبيرام (ومن معهما)، ولكن عوض أن تسند أجسامهم غاصوا فيما هو أصعب من الغرق في بحرٍ (عد 16).
عصا هرون كانت خشبًا جافًا، وأنتجت ثمرًا مسرًا أكثر من النباتات التي كانت في الأرض (عد 17).
في حالة بلعام كانت حماره أكثر غباوة من أي حيوان آخر، وقدمت للرجل الذي كان يضربها دليلًا ليس بأقل مما تقدمه كائنات بشرية عاقلة.
كانت هناك أسود في حالة دانيال أظهرت حنوًا أكثر مما تظهره الأغنام، لم تُلغِ طبيعتها لكن سلوكها قد تغيَّر .
القديس يوحنا الذهبي الفم
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الله والشركة والخدمة
المعرفة والشركة مع الله
حياة مريم والشركة مع الله
الله والشركة
حياة مريم والشركة مع الله


الساعة الآن 02:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024