- الأقباط في العصر العثماني:
- القيود على الأقباط
فرض على أهل الذمة في مصر الإسلامية العديد من القيود الشكلية، بدت أول مظاهرها في القيود المفروضة على الأزياء، من حيث اختيار اللون الأزرق في الغالب للمسيحيين، واللون الأصفر لليهود وكان يسمى بلبس (الغيار) رأى الزي المُغاير لِزِيّ المسلمين، مع لبس الزنار، وهو حزام اقرب إلى الحبل يشد به الوسط، واختلاف لون عمامة المسلم عن المسيحي واليهودي، حيث كانت عمامة المسلم بيضاء وعمامة المسيحي زرقاء، وعمامة اليهودي صفراء، وأحيانًا كان يقيد حق أهل الذمة في اقتناء العبيد والجواري، كما حظر عليهم ركوب الخيل.
ولأن هذه الأمور لم تكن مستحبة من كلا الطرفين المسلمين والأقباط، فكثيرًا ما كان يتجاوز منها من جانب الإدارة الإسلامية، سواء بعدم الالتفات إليها، أو غضّ الطرف عنها في مقابل من المال كان يدفع للإدارة.
وقد ظهرت بعض التغيرات المرتبطة بهذه المظاهر في العصر العثماني، فحل اللون الأسود كلون مميز لعمائم الأقباط، وترجع المصادر التاريخية حدوث ذلك إلى عهد حكم حسن باشا الخادم (1580 – 1582) تقريبًا، لكن ذلك لم يستمر طويلًا إذ سرعان ما عاد التغيير في لون عمامة الأقباط: على ألا يزيد طول الشال على عشرة أذرع، حتى لا تكون للقبطي عمامة كبيرة لأن عظم حجم العمامة دلالة على عظم مركز صاحبها!
ونادى المحتسب في القاهرة في سنة 1677 بأوامر عديدة منها إلزام النصارى بصبغ عمائمهم باللون الأسود، ونادى بعض رجال الإدارة في القاهرة عام 1732 باتخاذ الأقباط للشيلان الزرقاء لعمائمهم، ولكن ذلك لم يستمر طويلًا، إذ سرعان ما تحلت الإدارة عن معظم القيود التي فرضتها على الأقباط، ومنها لون العمامة، وذلك نتيجة توسط أعيان الأقباط لدى الوالي العثماني، إلا أنه عمومًا لم يكن هناك خط موحد للون وشكل العمامة حتى تذوب أوامر الوالي.
وينطبق الأمر نفسه على ألوان وأنواع أزياء الأقباط، فأول إشارة عن قيود حول الأزياء عز الأقباط وألوانها ترجع إلى عام 1677.
حينما نادى المحتسب بمنع الأقباط من لبس الجوخ والأصواف ولبس (الإزار)، وهي الملاءة الفضفاضة التي تلبسها المرأة فوق ملابسها، على ألا تكون بيضاء وإنما لون آخر يخالف لبس اللون الأبيض وهو ما تلبسه المرأة المسلمة.
إلا أنه رغم كل هذا فلم تكن الدولة متزمتة في تنفيذ هذا إلا في الأيام العصيبة أما قيود ركوب الخيل على الأقباط فكان استمرار لما كان سائدًا عليهم في العصر المملوكي السابق على العصر العثماني، فكانوا يركبون البغال والحمير بالأكفأ عرضا أي من ناحية واحدة، وفي العصر العثماني استمرت هذه القيود مفروضة على الأقباط، وكان عليهم النزول إذا مروا على أحد الوجهاء أو أيام بيت القاضي، وكانت نساء الأقباط مُستثناة من النزول.
ومن القيود التي كانت مفروضة على الأقباط في العصر المملوكي حرمانهم من دخول الحمامات العامة دون علامة في أعناقهم، وكانت هذه العلامة هي "الصليب".
وفى العصر العثماني صدر الأمر في القاهرة عام 1677 بعدم دخول النصارى الحمامات العامة إلا بعد تعليق جلجلا واليهودي جلجلتين في عنقه!!