عندما كنت طفلا، أعطتني أمي موزة لأكلها، فوضعتها في جيب حقيبتي المدرسية... وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لأكل الموزة فوجدتهامسحوقة تماماً... تركت الموزة مكانها على أمل أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً...
لكني ، وبسبب عطلة نهاية الأسبوع، نسيتها... وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت
الموزة وقد أصابها العفن ...
أغلقت الجيب، ولم أخبر أحدا... وبقيت الموزة سري الدفين لثلاثة أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق... حتى رفاقي كانوا يتسائلون من أين تنبعث هذه الرائحة الكريهة في الصف ? مما زاد في إحراجي ... فقررت عندها مواجهة الوضع وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفنة ونظفت حقيبتي وأنهيت المشكلة ...
هذا ما يحصل معنا تماماً ...
نسحق مشاعرنا من جراء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها وتنزف مشاعرنا ..
فنبقيها مخبّئة في جيب حقيبتنا الشعورية ...
ولا نخبر أحداً عنها ...
فتصاب مشاعرنا بالتلف ...
رغم إنكارنا، وتجاهلنا لها، وإحكام الإغلاق عليها ...
لكن رائحة اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا تنتقل من داخل حقيبة مشاعرنا إلى الخارج ...
فتحولنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره ،بالحقد، بالذنب، أو بالظلم ...
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو مواجهة الأمر ...
وفتح حقيبتنا الداخلية وتنظيفها وإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة ...
كيف؟
بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا ...
فالكبت والإنكار... ولفلفة المشاعر الدفينة والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء معنا هو على ما يرام ... وبأننا مسيطرون على الوضع، لا تنفع، بل تُفاقِم المشكلة ...
فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا، تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجانين دائمين لآلامنا الدائمة ...
فلنفتح حقائبنا ، ولننظفها من العفن ...
ولندع نور الشمس يدخل عتمتها ...
هذه هي نظرية الموزة التي طبقتها على حقيبتي المدرسية ...
فلنحاول تطبيقها على الموز المتعفن في حقائبنا الداخلية الفكرية، والعاطفية ...
ولنبدأ معا حملة النظافة .