هذه الفتاة النقية الطاهرة والعفيفة القديسة مريم اختارها اللّه والدة لابنه الوحيد في سر تجسده الإلهي.نعم لو خُيِّر الناس بانتقاء أمهاتهم لاختاروا بنات الملوك والعظماء والنبلاء والأغنياء، مهما كانت سيرتهن وسريرتهن، أما مقياس السمو لدى السماء فهو التمسك بشريعة اللّه والعمل بأحكامه بلا لوم، ولذلك اختار الرب هذه العذراء الطاهرة التي كانت تسير مع الرب، متمسكة بشرائعه، عاملة بوصاياه وأحكامه، فاختارها الله أماً لابنه الوحيد الحبيب.
وعلى الرغم من فقرها المدقع، ومسكنتها، ويتمها، وجهل الناس بها وإياها، فقد كانت محاطة بالعناية الربانية، وكانت عين اللّه ترعاها، والله فاحص القلوب والكلى يعرفها حق المعرفة فهي في عينه تعالى صفوة الخليقة، وقد اختارها منذ البدء، وأوحى إلى أنبيائه فذكروها بنبواتهم، فهي من ذرية داود (لو 2: 4) وكذلك خطيبها يوسف البار(مت 1: 20) وهي المرأة التي نسلها (المسيح) يسحق رأس الحية، وهي العذراء التي تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره اللّه معنا(مت 1: 23) فهي والدة الإله.