إن قول النبي إشعياء مميّز: “حبلنا تلوينا كأنّا ولدنا ريحاً.” (18:26). بحسب تفسير الآباء فإن النسل هو كلمة الله والعقل هو رحم الإنسان وقلبه. بالإيمان يُزرع كلمة الله في قلب الإنسان فيحمَل بخوف الله. هذا الخوف هو من أن يبقى الإنسان بعيداً عن الله. بهذا الخوف يبدأ الجهاد لتطهير القلب وامتلاك الفضائل، وهو جهاد مشابه للألم وخاصةً لألم الحمل. بهذه الطريقة يولَد روح الخلاص الذي هو تألّه وتقديس.
إن تكوّن المسيح فينا لا يتمّ من دون آلام روحية. يقول الرسول بولس: “يا أولادي الذين أتمخّض بكم أيضاً إلى أن يتصوّر المسيح فيكم” (غلاطية 19:4). المخاضات هي الجهادات الروحية والتكوّن هو التألّه والتقديس.
بحسب الآباء القديسين (غريغوريوس النيصّي، مكسيموس المعترف، سمعان اللاهوتي الحديث، نيكيتا ستيثاتوس وغيرهم) ما حدث جسدياً في العذراء مريم، يحدث روحياً لكل صاحب روح بتولية، أي المتطهّر من الأهواء. المسيح، الذي ولد مرة بالجسد يريد أن يولد، دائماً بالروح، من الذين يبتغونه، وبهذا يصبح طفلاً مكوِّناً نفسه فيهم من خلال الفضائل.