رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو مفهوم البرص في الكتاب المقدس وعلم الطب؟ يُعتبر البرص في الكتاب المقدس مرضاً ونجاسة وعقاب وأمَّا في علم الطب فهو مرض عضال. . أ) البَرص مرض ورد البرص 22 مرة في الكتاب القدس ويُشار إليه في الكتاب المقدس بلفظة נֶגַע צָרַעַת تعني "جُرْح، ضربة"، وهو يدل على أمراضٍ جلدية كثيرة تنتشر عدواها بسرعة فائقة في الجسم؛ والبرص من الأمراض الأكثر عدوى (الاحبار 14: 33) وهو المرض الوحيد الوراثي، الذي ينتقل من الوالدين إلى الأولاد. وكثيرا ما يبدأ كنتوء (ورم) او بياض كالقوباء؛ فيشعر المصاب بألمٍ وتنميل في أعضاء جسمه ثمّ تصير اماكن تواجد هذه الأورام تدريجياً سميكة الملمس وذات قشور. وبزيادة هذه السماكة يبدأ الجسم بالتقرُّح والتهاب الاعصاب وانقطاع جريان الدم. وعندما يتقدَّم المرض يبدأ جسم المُصاب يتآكل فتتساقط الأطراف مثل أصابع اليد أو الانف والرموش وجفون العين وتخرج رائحة كريهة إلى درجة النتنة من المصاب، او يعقب حرقا بالنار او دمّلا (الأحبار 13: 2-3). ويختلف البرص حدةً بعضه عن بعض اختلافا كبيراً، وكانت بعض الأمراض الجلدية تُسمَّى بَرَصا. ولم يُذُكر في كتب اليهود الطبية من أدوية ومعالجات للأمراض كافة، علاجٌ لمرض البِرَص، لأنهم تأكدُّوا أنه عديم الشفاء إلا بمعجزة إلهية. وظهر اعتقادهم هذا جلياً في جواب الملك يهورام زمن النبي أليشع في قصة نعمان السرياني (2 ملوك 5:7). أمَّا المصطلح البرص في المفهوم الطبي يشير عادةً إلى (المَهَق) والجذام، ويُعلق عليه الدكتور حمدي صادق: " البَرَص او الجذام المعروف أيضاً باسم مرض هانسن Hansen هو عدوى مزمنة تنجم عن البكتيريا الفطرية الجذامية، وله جانبان: جانب الإصابة الجلدية، وهو الطور الأول وقد لا يتطور بعد ذلك، وجانب آخر هو الجانب العصبي أو تطوَّر الإصابة الجلدية بتشوهات في الجهاز العصبي. فتصاب جميع أطراف أعصاب الجسم أو بعض أجزائه بتشوهات". فهو يدمر النهايات العصبية ويُسبب أيضا تدمير بعض أنسجة الجسم مثل الأصابع والأنف. والإصابة الجلدية تبدأ في المناطق الأكثر عرضة مثل الجبهة والذقن والأطراف؛ وتبدأ ببقع تتحوَّل إلى مناطق لا لون لها بيضاء، إذ تموت الخلايا الصبغية في هذه المنطقة، وكذلك لون الشعر الذي يسقط بعد ذلك؛ ثم يتعمق المرض فتتحوَّل البقعة إلى نقرة تنتشر إلى ما حولها، ويبدأ الجلد يتشوه ويتكتل في كتل بين نقر وحفر، ويصبح منظر الإنسان مسخ كريه الشكل شنيع المنظر مرعب الهيئة. لم يعُد مرض البَرَص موجودًا الآن، إلا في عددٍ قليلٍ من البلدان في إفريقيا. وتقول مُنظَّمةُ الصّحة العالمية إنه "لا يزال حوالي 10 ملايين مصابين به حتى اليوم". ومع ان مرض البَرَص لا يشبه بكثرة في هذه الأيام، الذي كان شفاؤه بالأمس عسيراً أصبح شفاؤه اليوم يسراً. إلا ان تأثيره على المجتمعات القديمة يشبه لحدٍ كبيرٍ تأثير مرض الايدز او كورونا على مجتمعاتا اليوم. ب) البَرَص نجاسة ليس البَرَص مرضا فحسب، انما هو ايضا نجاسة مُعدية بحسب الشريعة، وقد اعتُبر هذا المرض منذ القديم رمزاً للخطيئة ونجاستها، حتى سُمِّي الشفاء منه "تطهيراً". فالبَرَص قاتل، يملأ النفس نجاسة، ورجاسة، فساداً، لذلك كان هذا المرض هو الوحيد الذي يفرض على المُصاب به أن يعْتزل عن جميع الناس، حتى عن أهل بيته، وعن مدينته، ويذهب للعيش مع غيره من البُرُص الى ان يشفى او يموت. وإنْ دخل مدينة يُجازَى بأربعين جلدة. وكان اليهود يعتبرون الأَبرَص كأنه ميت، يتنجس من يلمسه. وكان الأَبرَص مجبوراً أن يمارس فروض الحداد من تمزيق ثيابه، والكشف عن رأسه، وتغطية فمه، وترك الاغتسال، وما أشبه، وأن يُحذِّر كل إنسان من الاقتراب منه بصراخه الدائم: "نجس! نجس!" (الاحبار 13: 34). ان البَرَص كالخطيئة تُعزلنا عن بعضنا، وعن الله بالذّات. هل يمكننا أن نتخيّل المعاناة العميقة لشخصٍ يتآكل جسديًّا وهو بالإضافة إلى ذلك، مُحتقَر ومنبوذ اجتماعيًّا؟ كان الأَبرَص يعتبر نجساً: كل شيء يلمسه يتنجَّس، ولا يستطيع ان يشارك في العبادة ولا في الحياة الاجتماعية. وكان معزولا أي ممنوع الاقتراب منه، ولا يحقُّ لأي إنسان ان يلمسه. وكانت الأوساط اليهودية تحرم الأَبرَص من حقوقه المدنية مع عزله عن المجتمع كما جاء في الشريعة "ما دامَت فيه الإِصابة، يَكونُ نَجِساً، إِنَّه نَجِس. فلْيُقِمْ مُنفَرِداً، وفي خارِجِ المُخَيَّمِ يَكونُ مُقامُه " (الاحبار 13: 46)، لذلك يُنبذ الأَبرَص من الجماعة لحين شفائه وتطهيره الطقسي وتقديم ضحيَّة عن الخطيئة (الاحبار 13-14). وجاءت كلمات الحاخامات عن المصابين بالبَرَص تُعلن نظرتهم إليهم كأنهم موتى، ليس لهم حق الحياة وسط الجماعة المقدَّسة. ويعلق العلامة أوريجانوس على إقامة الأَبرَص خارج المحلة بقوله "كل دنس يلقي الإنسان خارج مجمع الأبرار، أنه ينفيه بعيدًا عن الجماعة ويعزله عن موضع القديسين أمَّا مناداته: نجساً نجساً، فإشارة إلى دنسه الداخلي ودنسه الخارجي، أو دنس النفس والجسد معًا". لا يحسب سيّدنا يسوع المسيح البَرَص "نجاسة" بل مَرضاَ. ولا يرى في المرض لعنة بل اختبارا. وينظر الى البَرَص كرمز للخطيئة التي تشوّه نفس الانسان، عقله وارادته وقلبه، حريته وضميره. الخطيئة التي إذا تملّكت في الجسد، استعبده لشهواته ولأهوائه. هذه العبودية بَرَص روحي واخلاقي يشوّه جمال النفس المخلوقة على صورة الربّ. ويعلق القمص تادرس يعقوب" إذ ينظر إلى البَرَص كرمز للخطية وثمر لها، حيث جاء الحكم على الأَبرَص أن تعلن نجاسته بقسوة إذ يفقده طعم الحياة ويعزله تمامًا عن الجماعة المقدَّسة". ويشفي يسوع بَرَص الخطيئة وشلل الأنانية ويفتح عين الإلحاد وأُذنَ اللامبالاة، وهو صاحب المعجزات الذي كان "يَشْفي الشَّعبَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة" (متى 4: 23). ج) البَرَص عقاب إلهي البَرَص هو "التقرُّح" بالذات الذي يضرب (بالعبرية נֶגַע) الله به الخاطئين. كما اعتبره اليهود إعلان غضب اللّه على الخطأة. كان البَرَص بحسب الشريعة اليهودية يعتبر أقسى داء، ويمثل عقاب قاسي، فكان الأَبرَص يُحرم من أهله وأصدقائه ومجتمعه ويُعزل حتى يتمَّ شفائه. وكان إسرائيل مُهدَّدٌ به (تثنية 28: 27 و35). وقد ضُرِب به المصريون (خروج 9: 9-11)، وكذلك مريم اخت موسى قد أصيبت بالبَرَص، لأنّ الله غضب عليها، إذ تكلّمت ضدّ موسى (عدد 12: 10-15)، وأصيب الملك عُزِّيّا بالبَرَص إذ خالف الربّ إلهه ودخل هيكل الربّ ليحرق البخور على مذبح البخور (2 أخبار 26: 19-23). فالبَرَص هو مبدئيا علامة الخطيئة، ومع ذلك إذا ضرب الله "الخادم" المتألم أي يسوع المسيح بحيث يأخذ الناس في التحول عنه كما عن الأَبرَص، لأنه، رغم براءته يحمل خطايا البشر الذين سوف يشفون بجراحه (أشعيا 53: 3-12). ومن هنا نبحث في موقف يسوع. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هو مفهوم الشريعة في الكتاب المقدس؟ |
مفهوم الساعة في الكتاب المقدس |
ما هو مفهوم الضمير في ضوء الكتاب المقدس؟ |
من الأمراض في الكتاب المقدس البرص |
مفهوم السيف في الكتاب المقدس |