إن انتقال مريم يصبح انتقالنا نحن أيضاً، حين نقبل بالدخول في طاعة أمة الرّب التي وضعت وجودها في تصرّف الآب وفي خدمة الإبن الكلمة، فكان الرّوح القدس محرّك حياتها وقائدها.
هي إمرأة التواضع قالت: “ها أنا خادمتك”، فارتفعت فوق الملائكة والقدّيسين. هي امرأة الطاعة التي قالت: “فليكن لي بحسب كلمتك”، فحلّت كلمة الله في عقلها فاستنار، وفي روحها فتقدّست، وفي جسدها فارتفع الى المجد ليلاقي جسد المسيح القائم. هي امرأة الإيمان التي علمت أن وجود الله في حياتها لا يلغي حرّيتها، ولا ينقص من إرادتها، ولا يمنع فرحها، بل يقدّس إرادتها ويعطي حرّيتها معناها الأعمق، ويزرع في قلبها الفرح الحقّ الّذي لا يعبر بل يبقى الى الأبد. إرتفاع العذراء صورة مسبقة لإنسانيّتنا القادرة على الإرتفاع بدورها إن وضعت وجودها تحت إرادة الله المحرّرة والخلاصيّة، لتأخذ حياتنا معناها الأعمق، وتجد استمراريّتها في الحقيقة التي تتخطّى الزمان الحاضر، لنقوم نحن أيضاً بجسدنا المخلَّص والممجَّد وندخل مع العذراء، وبشفاعتها، الى الملكوت الّذي لا ينتهي، ملكوت الحبّ الأبدي.