رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الابن الأكبر وعدم احترامه لأبيه لم يفهم الابن الأكبر مشاعر أبيه، ولم يقدر أبداً أن يدرك مقدار حزنه على ضلال ابنه الأصغر. ونسي أن رجوع الضال هو رغبة قلب أبيه واستجابةٌ لصلواته الكثيرة.. ولم يفهم حياة أبيه الإيمانية، فقد كان قلب الأب عامراً بالإيمان والرجاء والمحبة: الإيمان في ابنه الأكبر الذي يعيش معه، وفي عودة ابنه الضال.. والرجاء في حياة أفضل بعد لمّ شمل العائلة، فيكون الغد المشرق قادماً.. والمحبة للابنين الأكبر والأصغر، القريب والبعيد. لكن لم يكن في قلب الابن الأكبر إيمان ولا رجاء ولا محبة! كان يحيا وسط البَرَكة دون أن تمسَّ البركةُ قلبه!.. ولم يفهم امتياز العمل مع أبيه ولا تمتُّعه بالرعاية والأمان في القرب منه، فقال له: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هٰذَا عَدَدُهَا» فاعتبر العمل المفرح في حقول أبيه خدمة عبودية وعبئاً ثقيلاً، وكان الواجب أن يدرك أنه يعمل لخيره ولخير العائلة كلها. صحيحٌ أنه كان يعمل باجتهاد، وكان في الحقل عندما عاد أخوه، لكنه أدّى العمل بتذمر، ولم يكن فرحاناً به. إنه يذكِّرنا بالعمال الذين كانوا يقطعون الأحجار في الجبل، فسألهم شخصٌ عمّا يعملون، فقال أحدهم: أكسر حجارة. وقال الثاني: أعول أولادي. وقال ثالث: نبني كنيسة. والإجابات الثلاث صحيحة، ولكن روح صاحب كل إجابة تكشف عن نظرته للحياة. فالأول كان يعمل بتذمُّر، ولا بد أن مشاعره النفسية تركت أثرها على صحته. وكانت دوافع الثاني إنسانية، لأنه يرى عمله خدمةً لأسرة يحبها. أما الثالث فقد رأى إلى جوار العمل وإعالة الأسرة علاقةً مفرحة مع الله، فهو يبني كنيسة، ويقدم خدمة للرب. وكان الابن الأكبر يفكر كالعامل الأول بدليل قوله لأبيه: «هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هٰذَا عَدَدُهَا». ولعل قمة التعبير عن عدم احترامه لأبيه أنه «غَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل» البيت احتجاجاً على تصرفات أبيه، فخرج أبوه إليه، وشرح له ما حدث، ولكنه استمر خارج البيت. |
|