فإن الكتاب المقدس إذ يزكي الله، يؤكد في الوقت نفسه طبيعة الخطية. وإذا لم يكن أصل الخطية بسماح من مشيئة الله، بل من الجوهر أو الكينونة التي تسبق المشيئة، فإنها حالاً تفقد صفتها الأدبية المميزة، وتصير شيئاً مادياً وطبيعياً، أي شراً غير منفصل عن جود سائر الأشياء وطبيعتها. وعندئذ تكون الخطية حقيقية مستقلة، ومبدأ أساسياً، ونوعاً من المادة الشريرة، كما كان يُعتقد بشأن المرض في الأزمنة الغابرة.
غير أن كلمة الله المقدسة تعلِّمنا أن الخطية ليست من هذا النوع، ولا يمكن أن تكون منه. ذلك أن الله هو الخالق لكل شيء، بما في ذلك المادة، ولما أكمل عمل الخلق، رأى تعالى كل ما عمله، فإذا هو حسنٌ جداً.