فتاة متواضعة وشجاعة في آن، عرفت ما تريده منذ أن فتحت عينيها على الله، وآمنت بأنّ الحرّية تكمن في تقدمة الذات حتّى الثمالة؟!
فتاة، ما كانت أعوامها السّتّة عشَرَ إلاّ عدداً دُوِّنَ في سجلّها الزمنيّ، جعل مراهقتها تمرّ سريعاً "مرور الأمس الغابر"، لتصبح راشدةً ناضجةً، صاحبة قرار واعٍ، واثقةً ملتزمة بمن اختارته لها نصيباً(الروح القدس).
فلو عدنا إلى سؤال مريم الملاك:" كيف يكون لي ذلك..؟" ، لَخَطَرَ ببالنا عدم ثقتها بالله، ولكن، أليست هذه "الكيف؟" ما كانت تشغل بال تلك الفتاة النّاصريّة، طول السّنوات التي سبقت البشارة حتّى خطبتها على يوسف؟
كانت تعلم في قرارة نفسها، أنّها مدعوّة إلى تكريس ذاتها، نفساً وجسداً، بالبتوليّة، للآب، إنّما كان من الصعوبة بمكان، أن يتمّ ذلك في مجتمع متزمّت، لا يرى في الفتاة إلاّ امرأة عاملة في الحقل والمنزل، تنجب وتربّي...
وإلاّ كانت عاراً عليه وعلى أهلها؛ فراحت تطيل الصّلاة والتأمّل، وتَغْرف من كلام الله والمزامير كلّ ما ينير لها السّبيل للخروج من تلك "الأحجية" سليمة معافاة، غير ملطّخة السّمعة بافتراءات أهل السّوء.