رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عيظات يوحنا ذهبي الفم عظاته 1. تعتبر عظاته من أهم ما وصل إلينا من العظات الآبائية، ظهر فيها الكاتب كطبيب حقيقي للنفوس، يعرف كيف يشخص أمراضها بكل دقة، مظهرًا كل حنو وفهم للضعف البشري، لكنه في غير تهاون أو مهادنة للشر(2). كثيرًا ما كانت عظاته تحمل شيئًا من العنف والانتهار لكن تحمل لمسات حب عميقة واتضاع مع ورع صادق، جذب إليه الكثيرين ويسمعون له ولا يملون. 2. امتازت عظاته أيضًا ببساطة التعبير مع الوضوح وإعطاء أمثلة كثيرين من العهدين ومن الواقع العملي في ذلك الوقت، فكانت عظاته بحق إنجيلًا معاشًا... تكشف عن دراية واسعة في معالجة المشاكل اليومية الحاضرة بأسلوب إنجيلي. 3. يرجع أغلب هذه العظات وهي عظات تفسيرية للعهدين إلى ما بين عام 386 وعام 379 م. بإنطاكية، وهي تقدم شهادة عن دقة تدربه في عقائد مدرسة إنطاكية، إذ كان يميل كثيرًا إلى التفسير الحرفي معارضًا الرمزية في مواضع كثيرة مع الاهتمام بالجانب الروحي. لم يحب منهج أوريجانوس الرمزي بالرغم من دفاعه عن أتباع أوريجانوس(3). 4. بسبب جهله اللغة العبرية جاءت عظاته على العهد القديم لا تحمل نفس قوة عظاته على العهد الجديد. وأن كانت عظاته على العهدين لهما ذات الطابع(4). 5. لا نستطيع ترجمة هذه العظات ونشرها على الشعب كما هي، للأسباب التالية: أ. فقدت بعض العظات قوتها لاختلاف الظروف التي ألقيت فيها عن الظروف الحالية. فلا نشعر مثلا بقوة "عظات التماثيل"، مثلما أحس بها الذين عاشوا في جو إنطاكية المرعب في ذلك الحين. فالواعظ الروحي الحكيم يعرف كيف يقدم كلمة الله الحية مفسرة كغذاء يشبع نفوس سامعيه تحت ظروف كنسية واجتماعية وثقافية وسياسية معينة، فيدخل بهم إلى كلمة الله الأبدية خلال الواقع العملي الذي يعيشونه. ب. ترجمة العظات من لغتها الأصلية، اليونانية، يفقدها أيضًا شيئًا من بلاغتها، فالتشبيهات والأمثلة والتعبيرات تختلف من لغة إلى أخرى. ج. أغلب عظاته التي وصلت إلينا لم تكن عن نسخة خطها المتحدث نفسه، وإنما هي ملاحظات سجلها بعض المستمعين، وهناك فارق بين لغة الوعظ ولغة الكتابة. هذا وقوة العظة لا تقف عند العبارات لكنها تمتد إلى روح المتكلم نفسه وطريقه حديثه... الأمر الذي لا تستطيع الكتابة أن تفعله مع العبارات. د. بعض العظات سجلت لأجل الانتفاع بها في الكنائس والأديرة، فامتدت إليها يد النساخ لتصحيح بعض العبارات أو تعديلها أو الحذف منها ليمكن قرأتها... أولًا: عظات على العهد القديم 1. عظات على سفر التكوين(5): توجد مجموعتان من العظات على سفر التكوين، يبدو أنهما من أقدم كتاباته التفسيرية. الأولى تتكون من تسع عظات(6)، ألقيت في إنطاكية في الصوم الكبير عام 386 م. باستثناء العظة الأخيرة تعالج هذه العظات الثلاث الأصحاحات الأولى من سفر التكوين. والمجموعة الثانية تتكون من 67عظة تقدم تفسيرًا كاملًا لسفر التكوين، يبدو أنها نشرت عام 388 م. بعض العظات في المجموعتين متطابقة تمامًا. 2. عظات على المزامير: له مجموعة عظات على 58 مزمورًا (مز4-12، 43-49، 108-117، 119-150)... وقد جاءت تحت عنوان "تعليقات" وليس "عظات". يشك البعض في نسبتها إليه وإن كانت تعتبر من أجمل عظاته على أسفار العهد القديم. لم يلتزم بالترجمة السبعينية بل أحيانًا يشير إلى ترجمات أخرى وأحيانًا يستخدم أكثر من ترجمة جنبًا إلى جنب. تحدث في هذه المزامير عن أنواع الصلاة(7)، الترنم بالمزامير والتسبيح(8)، الحج إلى الأراضي المقدسة(9)، العمل الكهنوتي(10)، البتولية(11)، التناول باستحقاق(12)، كما هاجم الأريوسيون وأتباع ماني وبولس السومسطائي. وللقديس عبارات مبعثرة كتفاسير لمزامير أخرى. 3. عظات على سفر إشعياء: له 6 عظات على إشعياء ص 6 في أصل يوناني(13)، ألقي بعضها في إنطاكية والآخر في القسطنطينية. كما يوجد شرح كامل على سفر إشعياء باللغة الأرمنية. 4. عظات أخرى: له عظات أخرى على أسفار العهد القديم منها خمس عظات على حنة(14) وثلاث عظات على داود وشاول(15)، وله عظتان عن الأمور الغامضة بالأنبياء Prophetarum obscuritate تعالج الأسفار النبوية بوجه عام، ألقيتا بإنطاكية عام 386. جاءت مقتطفات كثيرة للقديس في الملك Catenae كتفاسير عن إرميا ودانيال والأمثال وأيوب... هذه حتى أن ثبت صحة نسبها للقديس ربما تكون مستخرجة عن كتابات أخرى له وليس عن عظات وتفاسير للعهد القديم. ثانيًا: عظاته على العهد الجديد 1. عظات على إنجيل متى: تحوى تسعين عظة، ألقيت في إنطاكية(16)، غالبًا في الفترة الأخيرة من خدمته ككاهن(17)، حوالي عام 390م. جاء تفسيره للأمثال غاية في الروعة. ركز كثيرًا على الحث على الصدقة، معطيًا اهتمامًا بالجانب السلوكي في التفسير مثل عدم الغضب، وعدم الحسد، وغفران أخطاء الآخرين، وعدم الإدانة والصوم إلخ... كما هاجم بعض العادات الشريرة في ذلك الحين خاصة الذهاب إلى المسارح. مدح الحياة الرهبانية، فتحدث عن قداسة رهبان مصر(18)، ووصف الحياة الديرية كحياة مثالية في النصرة على الشر وحياة التكريس(19)، مثلًا حيًا للعلمانيين. دعاهم جنود المسيح، لابسي ثوب العرس في حديث دائم مع الملائكة. في مقدمة العظات تساءل: ألم يكن إنجيل واحد كاف أن يخبر بكل شيء؟ وجاءت الإجابة: "حقًا أن إنجيل واحد فيه الكفاية، لكن أن كتب الأربعة الإنجيليين، ليس في وقت وأحد، ودون أن يلتقوا معًا، ولا تناقشوا معًا، ومع هذا جاء حديثهم في كل الأمور كإنما يصدر عن فم واحد، فهذا برهان عظيم على الحق. ربما يًقال أنهم في بعض المواقع متهمون بعدم الاتفاق فيما بينهم. بلى، فأن هذا الأمر عينه يمثل شهادة عظيمة جدًا على الحق الذي لهم. فأنهم لو اتفقوا في كل الأمور تمامًا حتى في الزمن والمكان وكل الكلمات لما صدق أعداؤنا هذا، إنما كانوا يقولون أنهم التقوا معًا وكتبوا باتفاق بشري فيما بينهم... لكن ما قد يظنه البعض عدم اتفاق في أمور بسيطة ينزع الشك في وجود اتفاق فيما بينهم، وهذا في صالح الكتاب(20)". في هذه العظات كما في بقية تفاسيره لم يركز على الجانب العقيدي والمجادلات اللاهوتية، لكنه كان حريصًا أن يقدم العقيدة السليمة خلال كلماته الروحية، كما كان يرد على الهرطقات المعاصرة أحيانًا بطريقة مباشرة وأخرى بطريقة غير مباشرة، فرد على أتباع أريوس مؤكدًا لاهوت السيد المسيح ومساواة الابن للآب... كما رد على أتباع ماني مفندًا دعواهم بأن العهد القديم يختلف عن العهد الجديد، وأن إله العهد القديم إله العدل وإله العهد الجديد إله الحب. رد أيضًا على دعواهم بأن الجسد هو مصدر الخطية، إذ يقول: "لم يقل في أي موضع أن جسدنا معيب في شيء، بل في كل موضع المتهم هو الذهن الشرير. العيب ليس شريرًا بطبعه بل في الذهن والفكر(21). وأوضح أيضًا أن الشيطان ليس شريرًا بطبعه الأصلي، لكنه قبل الشر بإرادته، إنما أصله أحد الخلائق الصالحة(22). 2. عظات على إنجيل يوحنا: تحوى 88 عظة وهي اقصر من العظات على إنجيل متى، ألقيت في وقت متأخر عنها ربما في عام 391م، غالبًا ما كانت تلقى في الصباح(23). وهي أكثر جدلًا من العظات على إنجيل متى والسبب في هذا أنه كثيرًا ما يلتقي ببعض النصوص التي يستخدمها الأريوسيون لإنكار مساواة الابن للآب. في العظة السادسة أوضح أن السيد المسيح هو الله، ابن الله الوحيد الحقيقي واحد مع الآب في الجوهر البسيط.. كما يقول على لسانه: "لست أنا بالكائن الذي ينقص جوهره، إنما من أجل اهتمامي بخلاص الكثيرين نزلت إلى هذا الاتضاع لأشهد لنفسي للإنسان". وفي العظة الحادية عشر يقول: "صار ابن الله ابنًا للإنسان لكي يجعل من بني البشر أولادًا لله. فأنه عندما يجتمع العالي مع الأقل لا يمس هذا كرامته، إنما يرتفع بالذي هو أقل وينقله من خسته الزائدة، هكذا فعل الرب. بتنازله لم تنقص طبيعته شيئًا، إنما رفعنا نحن الذين كنا نجلس في العار والكلمة ودخل بنا إلى مجد لا ينطق به". 3. عظات على سفر الأعمال: أشار إليهاCassiodarus في القرن الخامس أنه بمساعدة أصدقائه قام بترجمتها إلى اللاتينية. وقد وجد شكلان مختلفان لها من المخطوطات، أما الطبعات فجاءت خليطًا منهما. تحوى هذه المجموعة 55 عظة ألقاها القديس في أسابيع الفصح في السنة الثالثة من أسقفيته (400 م.)، حيث كانت العادة أن يقرأ هذا السفر في الفترة ما بين عيد الفصح وعيد البنطقستي. كانت القسطنطينية في ذلك الوقت معرضة لاضطرابات مستمرة من الغنوصيين. للأسف جاءت هذه العظات هزيلة بالنسبة لغيرها من عظاته وذلك لأن القليل منها أعدها كتابة، أما أغلبها فجاءت مجرد ملاحظات سجلها بعض المستمعين له(24)، ولم يكن لدى القديس وقتا لمراجعتها بسبب مسئولياته الضخمة في عمله الجديد. حملت العظات بعض الأخطاء كما جاءت أحيانًا بغير نظام أو ترتيب. في هذه العظات أنتقد الذين يهملون هذا السفر: "أني لا أترك كنزًا كهذا يبقى مخفيًا عن الأنظار، فأنه بحق فائدته ليست بأقل ما للأناجيل. أنه مفعم بالحكمة المسيحية والتعليم الصحيح خاصة ما ورد فيه عن الروح القدس. ليتنا لا نعبر عليه عبورًا سريعًا بل نفحصه بدقه(25)". أنتقد تأخير العماد، كما عالج موضوع المعجزات: طبيعتها وغايتها والفارق بينها وبين السحر، موضحًا أنه خير لنا أن نتألم من أجل المسيح ونطرد الخطية عن أن نطرد شيطانًا أو نصنع المعجزات. ركز على الاهتمام بالصلاة ودراسة الكتاب المقدس والصدقة والغضب والوداعة كما أنتقد القسم وغير ذلك من العادات الشريرة(26). 4. عظات على الرسالة إلى أهل رومية: تحوى 32 عظة، تعتبر من أفضل كتاباته، إذ يقول الأب أسيذورس Isidore of Pelusium إن "كنوز حكمة يوحنا المتعلم ظهرت على وجه الخصوص في تفسيره الرسالة إلى أهل رومية. لست أظن أن أحدًا يقدر أن يقول أني بهذا متملقًا إياه، فأنه لو أراد بولس الإلهي نفسه أن يشرح بلسانه الفصيح كتاباته ما كان يتكلم بغير ما قاله هذا السيد الشهير(27)". ألقى هذه العظات في إنطاكية ما بين عام 381 وعام 398، غالبًا بعد نهاية عظاته على إنجيل يوحنا بفترة قصيرة. بالرغم من أن الرسالة تعالج مشاكل كثيرة إلا أن الذهبي الفم لم يكن لديه أي ميل للفكر اللاهوتي، بل كان منجذبًا نحو الأسئلة السلوكية... بدأ عظاته بعبارات الإعجاب بالرسول بولس وسار في التفسير هكذا بمديح فائق له حتى أعلن شهوته أن يرى قبر الرسول بولس ليقبل تراب جسده، يرى آثار العينين اللتين أعميتا بالمجد ثم شفيتا لأجل خلاص العالم، العينان اللتان لم تعرفا النوم بل سهرتا في نصف الليل، ونظرتا الأمور غير المنظورة. يرى آثار قدمي بولس الرسول اللتين كانتا تجريان في العالم بلا ضجر، اللتان كانتا مقيدتين في المقطرة حين اهتزت أساسيات السجن(28). في عظته 23 حديث دافع عن الفكر المسيحي السياسي، كيف يلتزم المسيحي أيا كان كاهنًا أو راهبًا أو من الشعب بالخضوع للسلطات الحاكمة في الرب... ويلاحظ أن القديس في تعليقه على رد 5: 14 (العظة العاشرة) أوضح نظرته إلى "الخطية الجدية" أو "الخطية الأصلية"، أنه بإنسان واحد قد دبت الخطية في البشرية... بهذا لم يحمل أي اتجاه بيلاجي كما ادعى يوليان أسقفEclanum البيلاجي. ولتوضيح ذلك نقول إن الغنوسيين وأتباع ماني حرموا الإنسان من كل حرية اختيار، يولد شريرًا أو صلاحًا، لا خيار له في ذلك... فجاء بيلاجيوس يحمل التطرف المضاد فقال إن الإنسان يولد بلا خطية أصلية وبكمال حريته يبدأ هو الطريق ويقدر أن يخلص أو يهلك... مقللًا من شأن النعمة الإلهية. وقد أستغل يوليان كلمات القديس في عظة له للمعمدين حديثًا جاء فيها "لذلك نعمد حتى الأطفال الصغار بالرغم من أنهم بلا خطايا". وقد رد القديس أغسطينوس أن كلمة "خطايا" هنا بالجمع تشير إلى الخطايا الفعلية الشخصية وليس الخطية الأصلية(29)، مقدمًا ثمان مقتطفات من كلمات القديس أغسطينوس يتحدث فيها عن وجود الخطية الأصلية. أما بخصوص حرية الإرادة فقد تحدث كثيرًا عن حرية الإرادة وكيف أن الله يُريدنا أن نبدأ بالعمل لكي يعمل هو فينا... لكنه في مواضع أخرى يوضح حتى بدايتنا هذه لن تتم بدون معونة الله(30). فالقديس لم يحمل اتجاهًا بيلاجيًا... خاصة وأنه لا يتحدث في عظاته كمناضل لاهوتي وإنما كواعظ يحث الناس على الجهاد(31). 5. عظات على الرسالتين إلى أهل كورنثوس: تحوى 44 عظة على الرسالة الأولي، 30 عظة على الرسالة الثانية، وضعت في إنطاكية(32)، أما تاريخ وضعها فيصعب تحديده،العظات على الرسالة الثانية جاءت بعد أربع سنوات من العظات على الرسالة الأولى(33). "يري المثقفون والأتقياء أن العظات على الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس أفضل عينات تفكيره وتعليمه. في شكلها تحمل خليطًا ما بين التفسير والنصائح(34)... ". في العظة 40 على الرسالة الأولي اقتبس مقتطفًا من قانون الإيمان الخاص بالمعمودية... وتعتبر العظة سجلًا تاريخيًا هامًا لليتورجية العماد في ذلك الحين. بجانب هاتين المجموعتين كتب القديس ثلاث عظات(35) على (1 كو 7: 1) وثلاث عظات(36) على (2 كو 4: 13) وعظة على (1 كو 15: 28) قام بنشرها S. Haidacher عام 1907. 6. تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية: في الأصل هي مجموعة من العظات، لكنها حاليًا في شكل تفسير حيث يجرى شرح الرسالة آية آية. كتب في إنطاكية حيث يشير إلى عظته الخاصة بتغيير الأسماء(37)، ويرى نيومان(38)Newman J. H. أنه لا يمكن تحديد تاريخ كتابتها وأن كان يبدو أنها ليست قبل عام 395م. 7. عظات على الرسالة إلى أهل أفسس(39): تحتوى على 24 عظة، أُلقيت أصلًا في إنطاكية إذ يشير إلى قديسين محبوبين لهذه المدينة هما بابيلاس Babylas وجوليان(40)، كما أشار إلى المؤسسات الرهبانية في الجبال المجاورة لإنطاكية(41)(42) والتي كان لها دور هام في حياته. تعتبر العظة 20 هامة جدًا بالنسبة للتعليم عن الزواج. 8. عظات على الرسالة إلى أهل فيلبي: تحوى 15 عظة. يرى Bar أنها ألقيت في إنطاكية حيث كان له الوقت الكافي لتأليفها، غير أن العظة 9: 5 يتحدث فيها عن مسئولياته كأسقف، لذا يرى البعض أنها ألقيت بالقسطيطنية. في عظته السابعة عن في 2: 5-11 دافع عن التجسد الإلهي ضد الهراطقة أتباع مرقيون. بولس السومسطائي وآريوس. يتحدث عن وحدة اللاهوت مع الناسوت قائلًا: "ليتنا لا نخلط أو نقسم الطبيعتين. يوجد الله واحد، مسيح واحد، هو ابن الله. عندما أقول "واحد" أقصد اتحادًا وليس خلطًا، الطبيعية الواحدة لا تتغير إلى الأخرى، بل متحدة معها(43)". أن كان لم يذكر صراحة أن المسيح طبيعة واحدة متحدة من طبيعتين بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، لكنه يحمل جوهر تعليمنا في طبيعة المسيح. 9. عظاته على الرسالة إلى أهل كولوسي: تعتبر هذه العظات مع عظاته على الرسالتين إلى أهل تسالونيكي أقل من بقية عظاته على العهد الجديد في تكوينها الأدبي وسموها، ربما لأنه كتب هذه العظات أثناء عمله الأسقفي، فلم يكن له الوقت الكافي للأعداد مثلما كان له في إنطاكية وهو كاهن... لكن هذه العظات حملت روح كرازي قوى، عظات ملتهبة، تشهد لغيرته المتقدة... يتحدث فيها مع شعبه عن كل تفاصيل حياتهم... عظاته على الرسالة إلى أهل كولوسي حوت 12 عظته، يتحدث فيها عن نفسه كأسقف، ألقاها بعد سقوط أتروبيوس وقبل إعدامه، أي عام 339م. في العظة الأولى تحدث عن أنواع الصداقات بين البشر، وفي الثانية اهتم بلاهوت السيد، وفي الرابعة أجاب على السؤال: لماذا لم يأت السيد إلى العالم في وقت مبكر؟ وفي الخامسة عالج عجز العقل البشري عن أدراك الأسرار الإلهية، وفي السادسة وصف موت المسيح كحل لرباطات الإنسان، وفي السابعة تحدث عن عمل المعمودية كتحطيم لأعمال الإنسان القديم والتمتع بالإنسان الجديد. وفي الثامنة شرح "الشكر" كفلسفة الحياة العظيمة وأوضح أن حياة الشكر تدخل في رتبة الاستشهاد. وفي التاسعة ركز على ضرورة قراءة الكتاب المقدس كما أشار إلى أهمية المزامير والتسبيح. 10. عظات على الرسالتين إلى أهل تسالونيكى: تحوى 11 عظة على الرسالة الأولى و5 عظات على الثانية، وضعها في القسطنطينية، إذ يتحدث عن نفسه كأسقف. 11. عظات على رسائل بولس الرعوية: تحوى 18 عظة على الرسالة الأولى إلى تيموثاوس و10 عظات على الرسالة الثانية، ألقاها في إنطاكية حيث لم يشر إلى نفسه كأسقف أثناء حديثه عن العمل الأسقفي، كما مدح المتوحدين الذين بجوار إنطاكية وشهد عن حرق معبد أبولو في Daphno(44)... كما تحوى 6 عظات على الرسالة إلى تيطس، ألقيت بإنطاكية، و3 عظات على الرسالة إلى فليمون، حيث شجع فيها المسيحيون على تحرير العبيد والنظر إليهم كإخوة... وهي غالبًا ألقيت في إنطاكية. 12. عظات الرسالة إلى العبرانيين: تحوى 34 عظة وضعها في السنة الأخيرة من وجوده بالقسطنطينية، لأن العنوان يشير إلى أنها نشرت بعد نياحته، عن مذكرات كتبها قسطنطين كاهن بإنطاكية... 13. عظات أخرى: ورد في ال Catenae مقتطفات لعظات تشرح أجزًاء من الرسائل الجامعة تحت اسم الذهبي الفم، لكن غالبًا هذه المقتطفات لم تؤخذ عن عظات وضعها القديس عن رسائل الجامعة إنما هي مقتطفات أخذت عن مقالات له في مواضع مختلفة. عظات غير تفسيرية بجانب العظات السابق الإشارة إليها الخاصة بتفسير الكتاب المقدس العهدين هناك عظات أخرى ألقاها القديس في ظروف معينة منها: 1. عظات التماثيل: سبق الحديث عن ظروف إلقائها(45). ألقيت في إنطاكية عام 387م، تحوى 21 عظة، وهي بدء الطلاق شهرته. ويلاحظ في هذه العظات: أ. رأى أن يربح الجموع ويدفع بهم إلى حياة التوبة عوض أن يرتعبوا من الخطر القادم، إذ يقول: "احزنوا الآن واندبوا ليس من أجل عظم الغضب المتوقع، ولكن من أجل الجنون الزائد الذي به ارتكبت هذه الأمور(46). ب. طلب منهم أن يسلكوا بحكمة، فلا يخرجوا في الأسواق والشوارع حتى لا يقبض على البريء مع المذنب، ولكن يلزم إلا يجد الخوف له مكان في قلبهم: "يجلس المؤمن على الصخرة فلا تقدر تيارات الأمواج أن تقذف به(47)". ج. حذرهم من الاندفاع وراء الطمع ومحبة المال والكبرياء كما وجههم نحو تقديم الشكر لله عند سماعهم بخبر العفو الصادر من الإمبراطور... د. كشف عن أبوة الأب الأسقف الحانية، الذي رغم شيخوخته أسرع بالسفر إلى الإمبراطور يشفع في شعبه... إذ يقول "أني أعرف أنه مجرد أن يراه إمبراطورنا الورع ينطفئ غضبه لمجرد نظره إلى شكله وملامحه. فأنه ليس فقط كلمات القديسين بل حتى ملامحهم المملوءة نعمة... سيقول له ما قاله موسى لله: "الآن فاغفر لهم خطاياهم وإلا فاقتلني معهم" (خر 32:31، 32). فأنه هكذا هي أحشاء القديسين، أنهم يحبسون الموت مع أولادهم أعذب من العيش بدونهم(48)!". 2. عظتان عن أتروبيوس(49): سبق لي الحديث عن أتروبيوس والمناسبة التي ألقيت فيها العظتان، كما قمت بترجمتهما وتبويبهما ونشرهما تحت عنوان "الكنيسة تحبك". في العظتين يقارن بين أباطيل العالم والحق الذي في الكنيسة، بين خداعات أهل العالم وحب الكنيسة للإنسان حتى وأن جرحته. كشف القديس أيضًا عن مفهوم الكنيسة وأسمائها وعملها، وأوضح عمل الإله المتجسد فينا وعطية الروح القدس والدخول بنا إلى الحياة السماوية التي بلا قلاقل. 3. عن طبيعة الله غير المدركة: تتكون من مجموعتين، الأولى تشمل خمس عظات ألقيت في إنطاكية عام 368-387 تهاجم أتباع أنوميوس Eunomius الأسقف الأريوسي(50)، الذي أنكر ولادة الابن في الطابع الإلهي إنما نظر إليه ككائن أوجده الآب مباشرة وتقبل منه القوة الخالقة خلالها شابه الآب. وظن أن الروح القدس له الأولوية بين الكائنات التي خلقها الابن، وهو أداة الابن في تقديس النفوس(51)... فند القديس تجديفهم متحدثًا عن مساواة الابن للآب كما أوضح أن طبيعة الله لا ينطق بها وغير مدركة. المجموعة الثانية ألقاها في القسطنطينية عام 397م، غالبًا ليست ضد أتباع أنوميوس. 4. عظات عن العماد: خلال خدمته في إنطاكية من عام 386- 398 كان القديس يعد الموعوظين لقبول سر العماد. وللأسف لم يصلنا من هذا العمل غير مقالين "مقالات عن الاستنارة Cotheses ad illuminandos " ألقيت خلال الصوم الكبير 388م. وفي عام 1909 نشر A. Popadoqulas-Kerameus لأول مرة مجموعة من أربع عظات موجهة إلى طالبي العماد، العظة الأولى مطابقة للمقال الأول من المقالتين السابقتين. وفي عام 1955 اكتشف A. Wenger مجموعة من ثماني مقالات خاصة بالعماد بدير Stavronihita بجبل أتوس قام بنشرها عام 1957، وهي غنية بالمعلومات الخاصة بليتورجية العماد في القرن الرابع في إنطاكية. ويلاحظ أن المقال الثالث جاء مطابقًا للعظة الرابعة من العظات السابقة الإشارة إليها وللعظة اللاتينية an- neophytes في ملحق المجلد الثاني من طبعة Fronton (باريس 1609). 5. عظات ضد اليهود: تحوى ثمانية عظات، مثيرة للغاية، قصد بها نصح المسيحيين في إنطاكية بالامتناع عن ممارسة العادات والشعائر اليهودية الحرفية خاصة أعيادهم كما حذر الـProtopaschietes من تعييد الفصح المسيحي مع اليهودي (عظة 3). ألقاها عام 386-387 م. 6. عظات أخلاقية: مع أن كل عظاته تميل للجانب الأخلاقي لكنه خصص بعض عظات موجهة ضد الخرافات والرذائل، أشهرها عظات(53)In Kalendes التي يوبخ فيها على العادات الشريرة والخرافات التي تتم في الاحتفال برأس العام الجديد. ألقاها في إنطاكية. له أيضًا عظة قوية ألقاها في القسطنطينية في 3 يوليو عام 399 "ضد السيرك والألعاب والمسارح" فيها أعلن سخطه على الاشتراك في سباق الخيل في الجمعة العظيمة وأقامت المسارح يوم السبت المقدس (سبت النور). له تسع عظات(54)De Poenitia ألقاها في أوقات متعددة. وله عظة عن(55) "De eieemosyna" تقدم تفسيرًا مطولًا عن (1كو 16: 1-4) وأخرى(56)De futurorum delécius et praesentuim vilitate ضد النظر المادية للشعب. 7. عظات على الأعياد: له مجموعة عظات على الأعياد نذكر منها: عظة على عيد ميلاد (عام 378)(57)D. N. Jesu Christu In diem natalem وقد حدث جدل طويل حولها. وعظة أخرى عن الميلاد(58) دافع عن C. Martin عن نسبتها له. عظة عن عيد الغطاس "الابيفانيا"(59)De Baptismo Christi Epiphania تبدو أنها أصيلة. عظتان عن خميس العهد(60)De Proditione وثالثة ربما تكون مزيفة(61) . عظتان عن الجمعة الكبيرة De Coemetris et cruce . عظتان عن الجمعة الكبيرة(62)De eruce et latrone . عظتان عن الصعود(63) يبدو الأولى أصلية . عظة من عيد البنطقستي(64). 8. ميامر القديسين: ألقى القديس عدة ميامر في مدح بعض قدسي العهد القديم مثل أيوب وألعازر والمكابيون وأمهم، وأيضًا في مدح الشهداء بصفة عامة وبعض الشهداء بصفة خاصة مثل رومنيوس ويوليان وبرلعام وبيلاجين وبيرنسيس وبرسدوس، وأيضًا بعض أساقفة إنطاكية مثل أغناطيوس وبابيلاس وفلوجينوس ويوستاخيوس وميليتوس، وكتب ميمرًا في مدح معلمه ديؤدر الطرسوسي في حضرته عام 392م. ألقى سبع عظات عن القديس بولس حيث نظر إليه كقديس لم يفقه أحد قط في العهدين، قارن بينه وبين رجال العهد القديم من هابيل حتى يوحنا المعمدان ليظهر أنه فاق الجميع(65). 9. عظة بمناسبة اختياره للكهنوت: ألقاها في بدء عام 386م، فيها شكر أسقف إنطاكية فلافيانوس الذي سامه كاهنًا، ومدحه من أجل روحه الرسولي، وسأل الشعب أن يُصلي ليجعله كاهنًا صالحًا. 10. عظتان بمناسبة نفيه: ألقى الأولى على شعبه الثائر ليلة نفيه الأول عام 403 حيث أعلن أن الكنيسة لا تُغلب وأوضح الاتحاد الذي لا ينفصل قط بين الرأس والأعضاء(66)، وإذ عاد تحدث مع الجموع يشكرهم على ولائهم له مادحًا الكنيسة كعروس الطاهرة(67). _____ |
|