رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مُوسَى واختياره «بالإِيمانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَن يُدعَى ابنَ ابنةِ فِرعَونَ» ( عبرانيين 11: 24 ) أولاً: نلاحظ طبيعة نكران موسى لذاته: «أَبَى أَن يُدعَى ابنَ ابنَةِ فِرعَونَ» ( عب 11: 24 ). ويُخبرنا يوسيفوس أن فرعون لم يكن له بنين، وكذلك ابنته، ولذلك فإن الأكثر احتمالاً هو أن موسى كان سيخلفه على العرش. ولكن بعد أن وصل موسى إلى سن الرجولة، فإنه واضح من كلمة «أَبَى» أنه حينئذٍ رفض الثروة والمجد والقوة، بل أكثر من ذلك رفض العرش. ربما إذا قَبِلَ العرش كان يستطيع – بسهولة - أن يُخفف من مُعاناة شعبه، ويرفع أثقالهم، ولكنه «أَبَى». ثانيًا: نلاحظ طبيعة اختياره: «مُفَضِّلاً بِالأَحرى أَن يُذَلَّ معَ شَعبِ الله» (ع25)، فلم تُفرَض عليه المُعاناة فرضًا، ولكنه اختارها طوعًا. لا يُمكننا أن نقول إنه لم يكن أمامه مهرَب من العبودية، ولكنه بعد تأنٍّ، عقد العزم أن يُلقي قرعته مع شعب الله المُحتَقر والمُضطَّهد. لقد فضَّل المشقة على الراحة، والمُعاناة على المتعة، والعار على المجد، والحزن على الفرح، والبرية على بلاط فرعون. ونلاحظ أن هذا الاختيار لم يأتِ من طفل، ولكنه اختيار رجل ناضج، ولم يأتِ من أحمق، ولكنه مِن مَن «تَهَذَّبَ بكُلِّ حكمَة ..» ( أع 7: 22 ). ثالثًا: نلاحظ طبيعة الأمر الذي وجد فيه راحته وشبعه وقناعته واكتفاءه: «حَاسِبًا عارَ المسيحِ غِنًى أَعظَمَ مِن خَزَائنِ مِصـرَ» (ع26). فالمكان الذي تطوَّع موسى وتقدَّم ليشغلَه، كان صعبًا للغاية، وعلى خلاف الوضع الذي شبَّ عليه في قصـر فرعون، وفي المؤخرة، ومع ذلك لم يتردَّد موسى ولم يتذمر أو يشكو. ولم يتحمَّل موسى فقط العار، ولكنه كان يُقدّره كأنه جدير بالاحترام أكثر من ثروة أعظم دولة على الأرض آنذاك. أ ليس هذا شيء يُخجل الكثيرين مِنّا؟ رابعًا: نلاحظ طبيعة المُحرك والحافز والباعث على اختياره: «لأَنَّهُ كانَ يَنظرُ إِلَى المُجَازاةِ» (ع26): لا بد أنَّ موسى كان قد سمع عن «ثِقَلَ المجد الأَبديّ»، فاستهان ”بخِفَّةَ الضيقِ الوقتي“، ولم ينظر إلى «الأَشياءِ التي تُرى»، وأدرك أن مُتع الخطية لفترة قصيرة للغاية، ولكن بالنظر إلى المجد الأبدي، يبدو الألم ضئيلاً، وإلى لحظة. وهكذا سار موسى بالإيمان، وليس بالعيان. لقد وضع عينيه لا على «الأَشياءِ التي تُرى»، بل على «الأَشياءِ التي لا تُرى» ( 2كو 4: 17 ، 18). لقد كان مشغولاً بالمستقبل، فلم ينظر للحاضر، وبالتالي فقد كان سهلاً عليه أن يُبادل القصر بالبرية، ومُتع الخطية بعار المسيح. . |
|