رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس يوحنا ذهبي الفم الإفخارستيا والحياة التقوية: هذا السرّ هو سند حياتنا الروحية إن كانت نفوسنا متيقظة مجاهدة، حاملة للصليب، ومشتاقة للسماويات. لقد تحدث القديس كثيرًا عن الاستعداد للتمتع بهذا السرّ حتى ننال فاعلية في حياتنا الروحية ولا نحمل دينونة. "ما دمنا نتحدث عن جسد الرب، فلنوجه أنظارنا إليه، هذا الذي صلب وسمر وقدم ذبيحة. إن كنتم جسد المسيح فاحملوا الصليب، إذ هو حمله. احتملوا البصق واللطمات والمسامير. لقد جعلنا جسده ووهبنا جسده ومع هذا لم نعطي للشر ظهورنا، يا للظلمة، يا لعمق الهاوية، يا لعدم المبالاة. "يقول الرسول اطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، ومع هذا لا يزال يضع البعض قلبه في المال أو الفسق وآخرون تأسرهم الشهوات. ألا ترى أنه إن كان في جسدنا عضو زائد وبلا نفع نبتره ونلغيه عنا. ليته لا تكون ثقتنا زائدة هكذا لمجرد أننا جعلنا أعضاء في هذا الجسد. فإن المسيح لا يحتمل دخول أحد بهذا الحال في حجاله. إن كان قد طرد صاحب الثياب الدنسة وأخرجه أفلا يفعل ذلك مع من يدنسه". "ليته لا يقترب أحد إلى الأسرار بغير مبالاة أو بقلب واهن. إنما يلزم أن يكون الكل بقلوب ملتهبة بحرارة. ليكن الكل متيقظًا. فإن كان اليهود أكلوا الذبيحة وهم مستعدون، أحذيتهم في أرجلهم وعصِّيهم في أيديهم، فكم بالحري أنت، يجب أن يكون نشاطك أعظم. إن اليهود استعدوا للذهاب إلى فلسطين وعليهم هيئة المسافر، أما أنت فمستعد للسفر إلى السماء". "كيف تقف أمام كرسي الديان يا من تتجاسر على هذا الجسد وتتقدم بأيد دنسة وشفاه نجسة؟ إن كنت لا تقدر أن تُقبل ملكًا بفم قذر، أتقبل ملك السموات بنفس دنسة؟ يا له من انتهاك للمقدسات. اخبرني، أتريد أن تتقدم بأيد غير نظيفة؟ أظنك لا تقبل هذا، بل تفضل عدم حضورك عن مجيئك بأيد ملوثة. فإن كنت تدقق في الأمور الصغيرة، فهل تحضر بنفس ملوثة وتتجاسر وتلمس الذبيحة؟ ماذا، أما ترى الأواني المقدسة نظيفة تمامًا ومتألقة؟ يليق بنفسك أن تكون أكثر نقاوة منها وأكثر قداسة وبهاء، لماذا؟ لأن هذه الأواني وجدت من أجلنا نحن. إنها لا تشترك في التناول الموجود فيها ولا تدركه، أما نحن فنشترك فيه... هل لا نقبل أن تستخدم آنية ملوثة بينما نقترب بنفس دنسة؟(111)". "تصور سخطك على الذي سلم المسيح، وعلى الذين صلبوه: احذر أن تكون مجرمًا أمام جسد المسيح ودمه. هؤلاء أماتوا الجسد الكلي القداسة وأنت تتقدم إليه بنفس غير نقية بعد أن خصك بهذه النعم. لم يكتف المسيح أنه صار إنسانًا بل قبل اللطمة والموت. إننا نتحد معه ليس بالإيمان فقط بل بالجسد. فما هي النقاوة والطهارة الواجبة على من يتلذذ بهذه الذبيحة؟ يجب على اليد التي تلمس هذا الجسد أن تكون أطهر من أشعة الشمس، وهكذا يجب أن يكون الفم المملوء بالنار الروحية واللسان المضرج بالدم المخيف، فما أعظم تلك المائدة التي تتلذذ بها، إن الملائكة تنظر إليها ولا تجسر أن تحدق فيها من دون خوف ورعدة بسبب النور الساطع الصادق. أما نحن نغتذي بها، ونتحد في المسيح بواسطتها ونصبح معه(112) جسدًا واحدًا. فمن يحدث بجبروته ويسمع تسبحته كلها (مز 105: 2)... يتحدث أيضًا القديس عن الاستعداد الروحي لهذا السرّ أنه ممتد إلى ما بعد التناول، قائلًا: "إن كنت لا تسرع إلى السوق بعد الاستحمام حتى لا تفسد ما تمتعت به في الحمام، كم بالأحرى يليق بنا أن نفعل هذا بعد التلذذ بالتناول... فإنه يليق بك عند عودتك إلى منزلك بعد التناول إلا تحسب شيئًا أهم من تذكرك الأمور التي سمعتها. نعم إنها لغباوة عظيمة أن نعطي خمسة أيام أو ستة للعمل في أمور هذه الحياة ولا نسمح لأنفسنا بيوم واحد لحياتنا الروحية، أو حتى جزء من يوم". يحذرنا القديس من التهاون بعد التناول، قائلًا: "لقد صرت جسد المسيح، فإن سلمت نفسك للشيطان يدوس عليك". فتهين المسيح. |
|