رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
على ما كُتِبَ في سِفرِ أَقْوالِ النَّبِيِّ أَشعْيا: ((صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قَويمَة تشير عبارة "صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة "إلى كرازة يوحَنَّا المعمدان المُكلَّف برسالة من الله من اجل الشعب كله متممّا بذلك نبوءة أشعيا (أشعيا 40: 3). وهنا يقف يوحَنَّا في خط الأنبياء الذين نادوا بالتوبة (هوشع 3: 4-5). أمَّا عبارة "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قَويمَة" فتشير إلى نبوءة أشعيا "صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ وآجعَلوا سُبُلَ إِلهِنا في الصَّحْراءِ قَويمة" (أشعيا 40: 3). وقد استبدل لوقا الإنجيلي " سُبُلَ إِلهِنا " ب " سُبُلَه " مطبِّقاً هذه النبوءة على مجيء المسيح نفسه. كانت تُهيَّا الطريق لوصول الملك؛ وأما التهيئة لوصول المسيح فهي تهيئة خلقية روحية بواسطة خدمة يوحَنَّا المعمدان التي شدَّدت على التوبة وغفران الخطايا والحاجة إلى المُخلص. قام يوحَنَّا بمناداته لليهود أن ينزعوا من قلوبهم المعاصي والكبرياء والعناد والكفر. إن كان السيِّد المسيح هو "كلمة الله"، فإن يوحَنَّا مجرَّد الصوت الذي يعد الطريق للكلمة. أمَّا عبارة "الرَّبّ" في الأصل اليونانية κύριος (معناها السيد) فتشير إلى الله في العهد القديم، وهنا تشير يسوع المسيح الذي يُهيئ يوحَنَّا له الطريق. أمَّا عبارة "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ" فتشير إلى صورة مألوفة في ذاك الزمان، وهي قبل أن يقوم الملك بأي رحلة، يُرسل رسلا يُخبرون بزيارته حتى يتم إعداد الطريق أمامه. وبالمثل كان يوحَنَّا يقول لسامعيه أن يّعدُّوا حياتهم لمجيء الرب إليهم. هل هناك أي عبارة أفضل من هذه، يمكنها وصف تحضيرنا لملاقاة مسيح الرب مُخلصا في عيد الميلاد وملكا ديانا في نهاية الأزمنة؟ ويعلق القدّيس مكسيمُس الطورينيّ "لم يَكْرِز يوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ فقط فِي زمانه مُعلِنًا مجيء الربّ للفريسيين قَائِلاً: "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ وٱجعَلوا سُبُلَه قويمة". بل ها هو يصرخ اليوم أيضًا في داخِلنا ورَعْدُ صوتِه يَهُزُّ صحراء خطايانا. هو يطلب منَّا أن نُعِدَّ طريقَ الرَّبِّ ليس بشقّ طريقٍ بل من خلال نقاوة إيمانِنا. إنَّ الرَّبَّ لا يسلك طُرُقَ الأرض بل يدخل أسرار القلب" (العظة 88). أمَّا عبارة "طَريقَ الرَّبّ " فتشير إلى شريعة مشيئة الله. يُطبّقها المسيح الربّ على نفسه بقوله " أَنا الطَّريقُ " (يوحَنَّا 14، 6)، إذ بواسطته، تتوفّر لنا، إمكانيّة الوصول إلى الآب؛ وكما أن السيّد المسيح مقبول لدى الآب، فهكذا نحن أيضاً، مقبولون لدى الربّ أبينا. ولا عجب أن يتبنّى المسيحيّون الأوّلون الّذين ساروا على خطى المسيح لقب "الطريق "(أعمال الرسل 9: 2). لقد كان طريقهم خدمة الربّ. أمَّا عبارة " اجعَلوا سُبُلَه قَويمَة " فتشير إلى طلب يوحَنَّا من المؤمنين أن يسلكوا السبل مستقيمة، دون التواء أو اعوجاج. إنّ الطريق الّتي يقترحها يوحَنَّا المعمدان هي طريق التوبة. ويُعلق القديس أمبروسيوس"ظهر الصوت (المعمدان) يهيئ الطريق للكلمة (يسوع)". هل سنعيش زمن المجيء بكل أبعاده، لنُعد طريق الرب ونجعل سبله قويمة؟ إن زمن المجيء يُحتِّم علينا أن نكون ساهرين متيقِّظين، وحذرين ومسارعين إلى التوبة وعمل البر، وعيش حياة المصالحة ومحبة القريب استعدادا لعودة ربنا ومخلصنا يسوع. |
|