رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفاصيل أكثر عن الصراع بين كيرلس ونسطور
إن حالة التوتر التي نشأت بين كيرلس ونسطور أقنعت بعض السكندريين، الذين كان كيرلس قد عاقبهم بسبب تجاوزات أخلاقية كبيرة، أن يذهبوا في ذلك الوقت إلى القسطنطينية ويقدموا شكاوى هناك ضد رئيس أساقفتهم. إحدى هذه الشكاوى كانت تهمة عدم أمانة في وظيفته كمنقذ للفقراء، والثانية بأنه كان يسئ معاملة والدته بطريقة فظيعة، والثالثة بأنه قد سرق؛ وقد أولى نسطور أذنًا لهؤلاء الناس. فشكى كيرلس هذا الأمر في خطاب جديد إلى نسطور وأرفق معه طلبًا -كشيء أساسي- بأن يصلح المظلمة التي أحدثها بعظاته. وفي نفس الوقت، وصف العقيدة الأرثوذكسية باختصار بأن الكلمة لم يصر جسدًا بطريقة تجعل طبيعة الله تتغير أو تتحول إلى نفس yuch (بسيخي) وجسد sarx (ساركس)؛ على النقيض من ذلك فإن اللوغوس قد وحَّد أقنوميًا مع نفسه الجسد sarx المتحرك (المحيي) بالنفس العاقلة yuch logikh(بسيخي لوغيكي) وهكذا صار إنسانًا بطريقة يتعذر تفسيرها.. إن الطبيعتين المتميزتين قد اتحدتا في إتحاد حقيقي من الاثنين (بدون ازدواج) proV enothta thn alhqinhn sunacqeisai fuseiV مسيح واحد وابن واحد قد أتى ليس كما لو كان الاختلاف في الطبائع قد اختفى بالاتحاد، ولكن على العكس، بأنهما قد شكّلا الرب يسوع المسيح الواحد والابن بالاتحاد غير المنطوق به بين اللاهوت والناسوت. ثم رفض بعد ذلك لوم نسطور غير العادل، الذي كان يصور أن كيرلس وأصدقاؤه علّموا بأن اللوغوس أخذ بدايته أولًا من مريم (كان هذا استنتاجًا زائفًا استنبطه نسطور من التعبير qeotokoV ثيئوتوكوس) ويكمل قائلًا: "ليس أن رجلًا وُلد من مريم وقد حل عليه اللوغوس بعد ذلك ، ولكن اللوغوس وحَّد نفسه مع الطبيعة البشرية في رحم مريم؛ وهكذا وُلد بعد أن أخد جسدًا. وهكذا أيضًا تألم الخ .. وحيث أن اللوغوس في نفسه غير قابل للألم، فقد احتمل هذا في الجسد الذي اتخذه." ([1]) أجاب نسطور بأنه سوف يمرر في هدوء الإهانات المحتوية في نتاج كيرلس المذهل هذا،(†) ولكن في نقطة أخرى لن يصمت. وأن كيرلس احتكم إلى قانون إيمان نيقية، ولكنه قد قرأه بالتأكيد سطحيًا فقط، وبالتالي فإن جهله يستحق المعذرة. وسوف أبيّن له الآن من قانون الإيمان هذا ومن الكتب المقدسة أننا لا ينبغي أن نقول أن الله وُلد وتألم أو أن مريم كانت والدة الإله؛ لأن ذلك يعتبر وثنيًا وأبوليناريًا وأريوسيًا. وبالفعل قال كيرلس بحق إن طبيعتين اتحدتا في شخص واحد، وأن اللاهوت بذاته لا يمكن أن يُولد أو يتألم؛ ولكن الشيء الذي أضافه فيما بعد، عن إلى أي مدى دخل لاهوت السيد المسيح في الألم، الخ.. يلغى بالكامل ما قيل سابقًا. في الختام كانت ملاحظات نسطور بطريقة قاسية وبازدراء: "إن كيرلس كان غيورًا لله، وقلقًا على كنيسة القسطنطينية، ولكنه قد خُدع من كهنته الذين هم من نفس نوعيته (thV shV iswV diaqesewV)، الذين قد تم عزلهم في القسطنطينية بسبب المانوية Manichaeism. وفى القسطنطينية نفسها كان كل شيء على أحسن حال وكان الإمبراطور موافقًا على العقيدة." ([2]) بينما لم تؤد المراسلات بين كيرلس ونسطور نفسه إلى أية نتائج، فقد وجد كيرلس أنه من الضروري، وخاصة فيما يختص بتعليق نسطور الأخير، أن يتقدم أيضًا بطلب إلى الإمبراطور ويوجه رسالتين إلى نساء البلاط (taiV basilassaiV) أفدوكسيا Eudoxia (زوجة الإمبراطور) وبلخاريا Pulcheria (أخت الإمبراطور)، وبدون ذكر اسم نسطور، ليشرح لهما العقيدة الصادقة بفقرات من الكتب المقدسة وأقوال الآباء ، بطريقة متكاملة. ([3]) قبل إرسال هذا الخطاب الملكي بوقت طويل، وجّه كيرلس خطابًا أيضًا إلى الكهنة السكندريين الذين حضروا إلى القسطنطينية، وشرح لهم أيضًا العقيدة الصادقة الخاصة بنقطة الخلاف، بالإضافة إلى عبارات النساطرة الخادعة واتهاماتهم الزائفة. وأكمل قائلًا أنه في نفس الوقت لن يتقدم بشكوى رسمية ضد نسطور كما نصحوه، بينما لم يتمكن بالتأكيد من الاعتراف به كقاضي له إطلاقًا وطلب منهم عندما اقتضت الضرورة، أن يبلغوا الإمبراطور بالشرح المرفق. ([4]) ثم أشار كيرلس إلى أن نسطور قد وَضَعَ تحت الحرمان كل من يستخدم عبارة "والدة الإله" ([5]) وهدد بأنه سوف يتقدم أمام مجمع بالاتهامات التي نقلها إليه بعض السكندريون ضد كيرلس، ([6]) وأنه يطالب بعزله، كما فعل هو بآخرين ممن يوقرون عبارة qeotokoV (ثيئوتوكوس). ([7]) لهذا السبب، وأيضًا لأن نسطور نفسه قد تقدم أولًا إلى روما بخصوص المسائلة عن موضوع الثيئوتوكوس qeotokoc، ومن ناحية أخرى تقدَّم البابا (†) أيضًا بتساؤلات عن موضوع كيرلس، فشعر كيرلس بأنه يجب أن يبلغ البابا بموضوع الهرطقة الجديدة، وتم ذلك في رسالة قال فيها: سوف يكون أكثر قبولًا إذا استطعنا أن نلتزم بالصمت، لكن الله يطلب منا السهر، والعقيدة الكنسية تتطلب منى أن أعرِّف قداستكم. وقد احتفظت بصمت عميق حتى الآن، ولم أكتب لك ولا لأي أسقف آخر عما كان يدور في القسطنطينية، لأن التسرع في مثل هذه الحالات هو خطأ؛ لكن الآن وقد بلغ الشر ذروته، أعتقد بأنني ملزم بأن أتكلم وأشرح كل ما حدث". ثم قص بعد ذلك كيف نشأ كل الخلاف في القسطنطينية، وكيف حذَّر نسطور مرات عديدة، وهو لذلك السبب مضطهدًا منه. وتقريبًا جميع أساقفة الشرق(†*) متّفقين مع كيرلس وخاصة أساقفة مقدونية؛ لكن نسطور يعتبر نفسه أحكم من الجميع، ويؤمن أنه الوحيد الذي يفهم الأسرار الإلهية. لم يرغب كيرلس في تهديده بالحرمان من الشركة قبل أن يخطر البابا بذلك، والبابا يمكنه بعد ذلك أن يقرر ما ينبغي عمله، ويعطى تعليماته (†) في هذا الموضوع للأساقفة الشرقيين والمقدونيين. ([8]) وبالإضافة إلى ذلك، عندما علم بأن نسطور قد تقدم بطلب للبابا -بعدها فقط- أرسل الشماس بوسيدونيوس Possidonius إلى روما، وأعطاه في نفس الوقت ترجمات لجميع الرسائل الأخرى التي كتبها كيرلس حتى ذلك الوقت بخصوص موضوع نسطور، وأيضًا مذكرة خاصة بيَّن فيها الخطأ النسطوري والعقيدة الأرثوذكسية المعارضة له. ويقول فيها بصفة خاصة أن نسطور يتجنب تعبير enwsiV (إتحاد) ويتكلم فقط عن sunafeia (اتصال) الطبيعتين. |
|