شروط التلمذة
في موضوع التلمذة نحب أن نورد ملاحظتين:
1- إن التلمذة ليست على التعاليم فقط، بل على الحياة.
2- لذلك فللتلمذة شروط لا بد من توافرها في الحياة العملية.
وهكذا يقول السيد الرب لتلاميذه: "إن ثبتم في كلامي، فبالحقيقة تكونون تلاميذي" (يو31:8). إذن فمجرد سماع الكلام من معلم، لا يعنى التلمذة له. إنما الثبات في تعليمه. ومعنى هذا تحويل الكلام إلى حياة، والى مبادئ راسخة تثبت فيمن يتعلم.
ويعطينا السيد المسيح علامة ومثالا عمليا بقوله لتلاميذه:
"بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، أن كان لكم حب بعضكم لبعض" (يو35:13).
هنا يقدم شرطًا بدونه لا يكونون تلاميذًا له، مهما تعلموا منه نظريًا عن الحب. وان لم يجد الناس فيهم هذه المحبة المتبادلة، لا يمكنكم ان يقولوا ان هؤلاء تلاميذ المسيح.. ! أنها علامة لازمة.
ة.
كما كان المسيح يحب الكل، هكذا ينبغي أن يكون تلاميذه. "كما سلك ذاك"، يسلكون هم أيضًا (1يو6:2).
يذكرني هذا بقول الرب لليهود المفتخرين بأنهم أولاد إبراهيم: "لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم" (يو 39:8).
آذن التلمذة الحقيقية هي تلمذه على حياة، تظهر بأسلوب عملي في حياة الإنسان، يعلن بها تلمذته على معلم تميز بهذا النوع من الحياة، وبهذا اللون من التعليم..
ولهذا يقدم السيد المسيح عينات من الناس لا يمكن أن تكون تلاميذًا له، منها:
يقول: "إن كان أحد يأتي إلى، ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وأخوته، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا"، "ومَن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا".
"فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله، لا يقدر أن يكون لي تلميذًا" (لو26:14،27،33).
وهكذا وضع السيد المسيح قاعدة للتلاميذ عليه، وهى التجرد، ومحبة الله فوق محبة الأقرباء.
ومن هذا المنطق قال له تلميذه بطرس: "قد تركنا كل شيء وتبعناك" (مت27:19). فأجابه السيد بنفس تعليمه الروحي: (كل من ترك بيوتًا، أو أخوة أو أخوات، أو أبًا أو آم أو امرأة، أو أولادًا أو حقولًا من أجل اسمي، يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية) (مت 19: 29).
أذن هو مبدأ التلمذة عل الرب، أن تترك كل شيء من اجله، أو على الأقل تكون مستعدًا قلبيًا لترك كل شيء ولا تندم على ذلك.
ولهذا أضاف الرب شرطًا أخر وهو: "ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لو62:9)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فالتلمذة على الرب تحتاج إلى ثبات في الطريق وعدم رجوع إلى الوراء. وتحتاج إلى أن يحتمل الإنسان من اجل الرب ومن اجل خدمته، ويتعب في سبيل ذلك. ولذلك قال الرب:
"مَنْ لا يحمل صليبه ويأتي ورائي، فلا يقدر أن يكون لي تلميذا" (لو27:14).
هناك شروط أخرى للتلمذة منها الالتزام والتنفيذ.
فالذي يريد أن يتتلمذ عليه أن يلتزم بما يسمعه وينفذه، وهكذا يحول المعلومات إلى حياة. لأنه ما فائدة الكلام إن كنا نسمعه وننساه، أو نحتفظ به في أذهاننا فقط لمجرد المعرفة. ولذلك جميلة تلك العبارة التي كان يقولها من يزور الآباء:
[قل لي كلمة، لكي أحيا بها].
فالكلمة هي طعامه الروحي. يأخذها ويغذى بها روحه، فيحيا بها، وينتفع. ليس مجرد المنفعة الفكرية، إنما ينتفع بها في حياته العملية، فتصبح كلمة منفعة..