السنة السابعة
صلاة البدء
نودّ بارب أن نسلّم إليك أمورنا، حتّى على مستوى الزراعة والفلاحة، على مستوى الغلال والطعام فأنت تعطي البركة وتُفهمنا أنك تمسك بيدنا حتى في أمور الأرض. ساعدنا لكي نكتـشف حضوره رغم كثافة المجهود البشري الذي قد يخفيك عن عيوننا.
قراءة النص
وكلّم الربّ موسى في جبل سيناء فقال: "قل لبني اسرائيل: إذا دخلتم الأرض التي أعطيها لكم، فليكن لها سبت عطلة (أي ترتاح خلال عطلة). ستّ سنين تزرعون حقولكم، ستّ سنين تقضبون كرومكم وتجمعون غلالها. وفي السنة السابعة يكون للأرض سبت عطلة مكرّس للرب، فلا تزرعوا حقولكم ولا تغضبوا كرومكم. والحصيد النابت من تلقاء ذاته لا تحصدوه، ولا تقطفوا عنب كرومكم غير المقضوبة، لأنها سنة عطلة للأرض. ولكنها مع ذلك تطعمكم أنتم وعبيدكم وجواريكم وأجراءكم وضيوفكم النازلين فيما بينكم. وبهائمكم والوحوش التي في أرضكم تأكل من كل ما تعطيه الأرض".
نصمت بعد القراءة ثلاث دقائق وتطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
- الأرض ترتاح، والرب نفسه يرتاح. هل نعرف ان نرتاح يومًا في الأسبوع؟
- ما مدى مراعاة المجتمع يوم الأحد، يوم الراحة؟
- أما نهتم قبل كل شيء بالغلة والإنتاج حتى على حساب الإنسان؟
دراسة النصّ
يبدو التشريع الكهنوتي سلسلة من الخطب يلقيها الله على موسى. فينقل موسى إلى الشعب وصايا الله. أما موضع هذا الكلام فجبل سيناء. هنا يتوقف سفر اللاويين عند السنة السابعة، السنة التي فيها تسبت الأرض فلا تُفلح ولا تُزرع.
نحن هنا أمام راحة تعني الأرض كلها، منذ الدخول إلى الأرض وفيما بعد، في كل سنة سابعة. وكرّر النص العبري اللفظة: تسبت الأرض سبتًا للرب (آ1) أي تحافظ على راحة السبت. فالأرض مدعوّة لكي تحافظ على السنة السبتية، لقد صارت الأرض شخصًا حيًا يستطيع أن يعيش في الطاعة لوصايا الله.
أن نترك الأرض ترتاح بشكل دوريّ، أن نعطّل الأرض خلال سنة، هي ممارسة تعرضها المجتمعات الزراعيّة التي لم تعرف استعمال الأسمدة كما هو الأمر اليوم. وكان هذا يتمّ مرّة كل ثلاث سنوات على جزء من الأرض التي تُزرع. أما هنا، في لا 25، فيجب أن ترتاح الأرض كلها خلال السنة الواحدة. هذا النظام يخلق عددًا من المشاكل: ففي زمن الكتابيين (164- 163) أحسّ المحاصرون أنه لم يعد لهم طعام لأن تلك السنة كانت السنة السابعة. "نفد الطعام من عندهم... بخاصة أن تلك السنة كانت سبتًا للأرض لا تزرع فيها الحقول" (1مك 6: 49). ويتابع النص في آ 53: "وما كان في مخازنهم طعام لأن السنة كانت السابعة التي ترتاح فيها الأرض".
فجاء الجواب اللاهوتي في لا 25: 10: 22:
"فإن قلتم: ماذا نأكل في السنة السابعة إذا كنا لا نزرع ولا نجمع غلالنا؟ أجبتكم: إني أبارك لكم الأرض في السنة السادسة. فتُغلّ ثلاث سنين فتزرعون في السنة الثامنة وتأكلون من الغلّة القديمة إلى مجيء غلّتها في السنة التاسعة".
فبركة الرب تتيح للسنة السادسة أن تنتج من الطعام ما يكفي الشعب حتى غلّة السنة الثامنة التي تؤكل في السنة التاسعة. هنا نتذكّر سفر الخروج الذي يروي العبور في الصحراء والمن الذي يتساقط مضاعفًا في اليوم السادس وهكذا يمرّ اليوم السابع دون أن يجوع الشعب.
"ولما كان اليوم السادس التقطوا طعامًا مضاعفًا، غمرين لكل واحد، فجاء جميع رؤساء الشعب وأخبروا موسى. فقال لهم: هذا ما يقول الرب: غدًا سبت، يوم راحة مكرّس للرب" (حز 16: 22- 23). ولما جاء السبت، قال موسى: "كلوه اليوم. فاليوم سبت للرب. واليوم لا تجدونه (=المن) في البرية. ستة أيام تلتقطونه، وفي اليوم السابع سبت، لا تجدونه فيه" (آ 25- 26). وتابع: "لا يخرج أحد من بيته في اليوم السابع". فاستراح الشعب في اليوم السابع (آ 29- 30). وهكذا امتنع الشعب عن العمل.
نحن هنا أمام نموذج لاهوتيّ يدلّ على دورة من سبعة أيام، نقلها الكاتب الكهنوتي إلى دورة من سبع سنين. ولكن ما يسري بالنسبة إلى يوم، هل يسري بالنسبة إلى سنة؟ فإذا أردنا أن لا نصل إلى وضع من المجاعة، يجب أن يكون هناك في السنة السادسة، غلّة عجيبة، كما نحتاج إلى تضامن بين جميع أفراد الشعب، وإلى كفاءة لدى المسؤولين لترتيب الموارد، على مثال ما فعل يوسف في مصر.
ويدعونا لا 25: 11- 23 إلى بركة اليوم السادس في خبر الخلق، وهي بركة تلي خلق الرجل والمرأة، فتتضمّن عطيّة الطعام للخلائق الحيّة (تك 1: 26- 31). ففي منظور الكاتب الكهنوتيّ، لانهتمّ لموارد الأرض. فهي ستفيض طعامًا بل نهتمّ لممارسة وصايا الله.
حين نقرأ هذه النصوص نكتشف أن الأرض التي نسكن فيها وتُتيح لنا أن نشبع من غلّتها، ليست شيئًا نمتلكه ونتصرّف به على هوانا. هناك ارتباط بين علاقتنا بالأرض وعلاقتنا بالله. ولكن يبدو أن النص الكهنوتي (=دوّنه الكهنة) نسي أمرًا هامًا: هو لا يتحدّث عن تحرير العبيد كما قالت شرعة العهد (في سفر الخروج) والشرعة الاشتراعية (سفر التثنية). ولكن في التشريع الكهنوتي، بجب أن ننتظر ترتيبات سنة اليوبيل أي السنة التاسعة والأربعين أو السنة الخمسين، كي يتطرّق النصّ إلى هذه المسألة. إن تحرير العبيد بعد 49 أو 50 سنة، بدلاً من 7 سنوات، هو تطوّر في حقبة كان الأمل بالحياة لا يصل إلى 50 سنة.
التأمل
نعيد قراءة النصّ وننظر إلى مجتمعنا المتكالب على المادة، الذي يركض ويركض و ينسى حضور الله: إن لم يبني الرب البيت فعبثًا يتعب البناؤون وإن لم يحرس الرب المدينة، فعبثًا يتعب الحارس، باطل لكم أن تفيقوا مبكرين، وتناموا متأخرين، وتأكلوا خبز الجوع. فالرب بزوّد أحّباءه وهم نائمون (مز 127).
المناجاة
ننطلق ممّا قرأنا وممّا شاركنا فيه، ونتطلّع إلى العبرانيين الذين طلب منهم موسى أن لا يذهبوا في اليوم السابع ويلتقطوا المن. ومع ذلك، ذهب بعضهم. فغضب موسى فدلّ على غضب الله، فقال الرب لموسى: "إلى متى ترفضون أن تعملوا بواصاياي وشرائعي؟ أما ترون أني أنا الرب وضعت لكم السبت فأعطيكم في اليوم السادس طعام يومين" (حز 16: 18- 19)؟
تأوين النصّ
تحدّث الله القديم عن راحة السبت. ونحن نتحدّث عن راحة الأحد. هل نتوقّف عن العمل يوم الأحد؟ كيف نرتاح؟ يوم الأحد يبارك الأيام الستة الباقية، أيام العمل. فإن ضاع يوم الأحد ضاعت الأيام الأخرى كيف يتعامل مجتمعنا مع هذا اليوم المبارك.
صلاة الختام
أنا هو الرب إلهك، لا يكن لك إله غيري... في ستة أيام خلق الرب السماوات والأرض والبحر وجميع ما فيها، وفي اليوم السابع استراح. لذلك بارك الربّ يوم السبت وقدّسه (كرسه له).