حينما اقترب موعد ميلاد السيد المسيح حسب النبوات كان المجوس الذين آمنوا بنبوات دانيال وحفظوها ينتظرون شيئًا يخبرهم عن هذا المجيء.
وأراد الرب أن يكلمهم باللغة التي يفهمونها فأرسل إليهم كائنًا مميزًا، له صفات عجيبة؛ ربما يكون ملاكًا لامعًا يبدو في هيئة نجم.
كان النجم واضحًا مميزًا عن باقي النجوم وفهموا من منظره ومساره أنه نجم ملك عظيم هو ملك ملوك الأرض.
لهذا أعدوا العدة لرحلة طويلة من بلاد فارس في المشرق إلى اليهودية لينالوا بركة هذا المولود الإلهي الذي كتب عنه دانيال النبي ما نصه:
"كنت أرى في رؤى الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض" (دا7: 13، 14).
كانت دعوة صريحة لهؤلاء المجوس الأمميين لكي يتعبدوا للمولود الموعود به من الله. وكان أمرًا واضحًا أن يتعبدوا له ليصيروا أعضاءً في ملكوته الأبدي.
إذن لم يكن السيد المسيح ملكًا لليهود فقط بل دعي "ملك اليهود" واتسع مفهوم هذا اللقب ليشمل جميع الذين آمنوا به "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو1: 12). صار المعنى بالمفهوم الروحي هو لكل من يقبل حب الله المعلن بواسطة تجسد ابنه الوحيد مخلص العالم فيملك الله على قلبه وحياته ويصير مسكنًا لروحه القدوس.
قال الملاك جبرائيل للعذراء مريم "ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33).
وصار بيت يعقوب هو كل شعب الله وليس نسل يعقوب فقط لأن بولس الرسول يقول "ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون. ولا لأنهم من نسل إبراهيم هم جميعًا أولاد.. أي ليس أولاد الجسد هم أولاد الله. بل أولاد الموعد يحسبون نسلًا.. ولكي يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد. التي أيضًا دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من الأمم أيضًا. كما يقول في هوشع أيضًا سأدعو الذي ليس شعبي شعبي، والتي ليست محبوبة محبوبة. ويكون في الموضع الذي قيل لهم فيه لستم شعبي أنه هناك يدعون أبناء الله الحي" (رو9: 6-8، 23-26).
هكذا تحققت النبوات الإلهية وجاء الرعاة من اليهود معترفين بملكهم ومخلصهم في ليلة ميلاده، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما جاء المجوس من الأمم يقودهم النجم العجيب بعد مولده بفترة وقبل هروب العائلة المقدسة إلى مصر ليتعبدوا ويسجدوا للابن المولود "ملك الملوك ورب الأرباب" (رؤ19: 16)