الخطية خيانة لله
إن الخطية عمومًا هي خيانة. والإنسان الخاطئ يخون محبة الله العطوف، الذي أحبنا حتى منتهي (يو 13: 1). وغمرنا بإحساناته.
الله الذي اعتبرنا أولادًا، وصار أبًا لنا: إذا ما أخطأنا إليه نكون خائنين لأبوته. كما أننا في الخطية نكون خائنين للعهود التي عاهد بها الله في معموديتنا، وفي أوقات التناول، وفي الأوقات التي أنقذنا منها.
إننا نخون الله، لأننا - نحن أولاده وخاصته - ننضم إلي أعدائه الشياطين، وننكره مقابل شهواتنا..
لهذا فإن الله يطلب إلينا أن نكون أمناء.. قائلًا لكل منا "كن أمينا إلي الموت.." (رؤ 2: 10). ولكننا في الخطية نخون هذه الأمانة. ولا تكون قلوبنا ثابتة في محبة الله، بل هي تهتز مع كل هوي، ومع كل رغبة. وليس لها الحب الأمين الثابت.
إن كانت مقاومات الأعداء، تعتبر عداوة وليس خيانة..
فإن تعديات الأبناء والمحبين، تعتبر بلا شك خيانة..
ونحن أبناء الله، دعي اسمه علينا، كيف نقاومه، وننضم إلي أعدائه؟ ونبيع أنفسنا التي أشتراها بدمه ونطرد روحه القدوس من قلوبنا؟.. ألا نعتبر كل هذه خيانة؟!
ربما كان هناك عذر للذين لم يعرفوا الله من قبل. أما الذين عرفوه، وعاشروه، وذاقوه، وأنعم عليهم بأسراره المقدسة. ثم بعد ذلك رفعوا عقبهم عليه.. كيف لا يكونون خائنين لعشرته ومحبته؟
والله نفسه، سمي هذا الارتداد عنه خيانة..
فقال: "خيانة خانني بيت إسرائيل وبيت يهوذا" (أر 5: 11).
سرقة عخان بن كرمي، اعتبرت خيانة للرب (أش 7: 1).
وتزوج الشعب من نساء أجنبيات، سمي خيانة أيضًا (عز 10: 2).
وقال الكتاب إن شاول الملك "مات بخيانته التي بها خان الرب. من أجل كلام الرب الذي لم يحفظه. وأيضًا لأجل طلبه إلي الجان" (1 أي 10: 13).
وأعتبر تقصير الكهنة واللاويين في خدمة بيت الرب خيانة. ولذلك قال حزقيال الملك الصالح "لأَنَّ آبَاءَنَا خَانُوا وَعَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِنَا وَتَرَكُوهُ، وَحَوَّلُوا وُجُوهَهُمْ عَنْ مَسْكَنِ الرَّبِّ.. وَأَطْفَأُوا السُّرُجَ وَلَمْ يُوقِدُوا بَخُورًا وَلَمْ يُصْعِدُوا مُحْرَقَةً" (سفر أخبار الأيام الثاني 29: 6، 7).
ما دامت الخطية خصومة وخيانة، إذن ينبغي التصالح مع الله.
يرجع القلب إليه، ويعترف بخيانته. وينسحق ويتذلل قدامه. كي يغفر وتبدأ علاقة جديدة بقلب جديد، أمين..
والمقصود أن يكون صلحًا دائمًا لا رجوع فيه. لأنك إن صالحت أحدًا، وابتسمت في وجهه، ورجعت في باكر أغضبته وأهنته، لا يكون هذا صلحًا.. فالصلح هو رجوع المحبة الحقيقية، الثابتة..
إن تاريخ الخطية، ينتهي بالصلح مع الله..
علي أن العجيب، هو أن الله، الذي جحدناه نحن، هو الذي يسعي إلي هذا الصلح، بكل الوسائل..!