لقد كان داود مُطارَداً هارباً في البراري، بعيداً عن مسكن الله، فبماذا كان يتفكر، وإلى أي شئ كان يطلب؟ هل الخلاص من أعدائه؟ أم أن يحقق الرب وعده له ويُنصّبه ملكاً على إسرائيل؟ لا لم تكن هذه الأمور هي موضوع مشغوليته، إذ نسمعه يقول: «يا الله إلهي أنت. إليك أبكر. عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي، في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء»، وإذ يبكر إلى الله .. وينكشف أمامه جود وصلاح الله، يمتلئ قلبه بالفرح فيقول: «كما من شحم ودسم تشبع نفسي، وبشفتي الابتهاج يُسبحك فمي» (مز63: 1-5).
وإن كنا هنا نرى تبكيراً حميداً لمناجاة ومناشدة الرب، حيث راحة النفس أمام باريها وفاديها. غير أن هناك تبكيرا من نوع آخر علينا أن نتحذّر منه ولا ننزلق فيه «باطل هو لكم أن تبكروا إلى القيام، مؤخرين الجلوس، آكلين خبز الأتعاب» (مز127: 2).