في مثل الغني ولعازر
يقول المثل أنه كانت هناك “هوة عظيمة” بين الجحيم الذي وجد فيه الرجل الغني وبين المكان الذي وجد فيه إبراهيم، وأنه كان من المستحيل العبور من مكان آخر.
من البديهي أن الأمر لا يتعلق بأماكن محددة ولكن كما قلنا من قبل يتعلق الأمر بطرق حياة خاصة. ويوجد فرق بين الفردوس والجحيم كطرق حياة خاصة.
لا وجود للفردوس والملكوت في منظور الله، ولكن في منظور الإنسان. فالله يرسل نعمته لكل الناس طالما أنه “يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمين”. ولو أن الله أعطانا وصية أن نحب الجميع وحتي أعدائنا، فإنه بلا شك يفعل الشيء. فمن المستحيل ألا يحب الله الخطاة أيضاً، إلا أن كل شخص يشعر بمحبة الله بطريقة مختلفة بحسب حالته الروحية.
للنور خاصيتان: الإنارة والحرق. ولو كان لدي شخص ما إبصاراً جيداً فإنه يستفيد من خاصية الإنارة التي لنور الشمس ويستمتع بكل الخليقة. ولكن لو وجد شخص آخر محروماً من عينيه وإبصاره فإنه يشعر بالضوء علي أنه حارق. هكذا هو الحال أيضاً في الحياة الآتية وفي حياة النفس بعد مغادرة الجسد. سوف يحب الله الخطاة أيضاً، ولكنهم لن يكونوا قادرين علي استقبال هذا الحب كنور، ولكنهم سيستقبلونه كنار حيث أنهم لن يكونوا مقتنين لعين وبصيرة روحية.
يشبه هذا ما يحدث في القربان المقدس. يستطيع الجميع التناول منه ولكنه يكون نوراً وحياة للمستعدين، علي حين أنه يكون دينونة وحكماً لغير المستحقين.
تظهر الكنيسة ذلك في أيقونة المجيء الثاني حيث نري القديسين في النور المشع من عرش الله، ومن نفس العرش ينبع نهر من النار موجود فيه الخطاة غير التائبين.
من أجل هذا تعطي الكنيسة الأرثوذكسية اهتماماً كبيراً لشفاء الإنسان. وتُعتبر الكنيسة كمستشفى روحي ومصحة تشفي العين الروحية التي هي العقل المريض المحتاج للشفاء. هذا هو كل عمل الكنيسة.