الفقراء هم أيضًا مثال حيّ لنا، وفي هذا المجال هم وُعّاظنا. نحن نتكلّم كثيرًا عبر الوعظ عن فناء هذه الدنيا، وعن أنّها لن تدوم لأحد، وفي أيّ وقت نحن معرّضون لأن نمرض أو نتأذّى أو نقع في مشكلة أو يحصل لنا حادث. لماذا نَعظُ هكذا؟ نعظ هكذا لأنّنا نريد أن نحرّر المؤمنين من الواقع المادّيّ الذي يعيشون فيه، والذي يشدّهم إلى الأمور الدنيويّة والمعيشيّة فحسب. فالكنيسة من واجبها أن توقظ الناس وتفتح لهم عيونهم على الناحية الثانية من الحياة. الحياة ليست أمورًا دنيويّة فقط، بل لدينا ملكوت سماويّ نريد أن نَعيشه، وهو حياتنا الأبديّة. يجب أن نعي فنائيّة هذه الدنيا حتّى لا نتعلّق بها كثيرًا. بعض آباء الكنيسة أيضًا يقولون: صحيح أنّ الوعّاظ يتكلّمون هذا الكلام، لكنّ الفقير يُريك إيّاه حقيقةً، يريك إيّاه في الواقع. وبالتالي هم وُعّاظ حقيقيّون أمامكم، وأمثلة حيّة تُريكم ما يقول لكم الكتاب المقدّس ألاّ تتعلّقوا به، و”لنطرح عنّا كلّ اهتمام دنيويّ حتّى نستقبل ملِكَ الكلّ”.
حديث للمطران سابا (إسبر)، مطران بُصرى حوران وجبل العرب والجولان