الشكر و الصلاة
قصّ عليّ أحد رجال الأعمال في كاليفورنيا واحدة من أعجب القصص التي سمعتها على الإطلاق، وكانت الدموع تنهمر من عينيه، وأحيانًا كاد يختنق صوته من شدة التأثر.
لقد أصيبت ابنة ذلك الرجل في حادث سيارة مما أدى إلى تلف شديد بالمخ، وبالرغم من الصلوات العديدة التي رُفِعَت من أجلها إلا أن حالتها كانت تزداد سوءا، وفي النهاية وضعت في مؤسسة خاصة للمرضى العقليين والذين أصبحت حالتهم ميئوس منها ويعتبرون خطرين فقد يقوموا بأعمال مؤذية جدا من غير إدراك، فأصبح منزلها عبارة عن زنزانة من الحديد لا مفر منه ولا نهاية...
كان مرضى ذلك العنبر منعزلين تماما عن الواقع وقلما كان الأقارب يقومون بزيارتهم. كان بعض المرضى قد جرحوا أجسادهم بسبب عنفهم، والبعض الآخر كان يجلس محملقا في لا شيء بعيون فارغة تدل على أن عقولهم أضحت خالية من كل معرفة.
انتظر الرجل في الغرفة التي كانت تفصل بينه وبين العنبر حيث توجد الابنة ولم يبقى سوى باب حديدي واحد لا بد أن يفتح، وهناك سمع صوت الله مرة أخرى يكرر عليه الكلام السابق...
فذاب قلبه في تلك اللحظة وتخلى عن قساوته وعناده، وتغير القلب الحجري الذي امتلأ غضبا وشكا وحلّ مكانه قلب مفعم بالشكر والامتنان لله، اختنق الكلام في حلقه... لكنه تمتم في استسلام وقال: "يا رب، إني أشكرك لأن ابنتي هنا حيث هي، إني أحبها جدا... لكني أعلم أيضا أنك تحبها أكثر مني".
وفي تلك اللحظة سمع صرخة عالية كانت مألوفة لديه تقول: أريد بابًا... أرجوكم أريد بابًا...
فتح المسئول الباب... وركض الأب نحو ابنته التي احتضنته بذراعيها من خلال القضبان الحديدية، بينما استمرت دموع الفرح تنهمر من عيون الممرضات والحراس الذين التفوا حول المشهد... لقد صارت الابنة في صحة تامة وتركت ذلك المكان بشهادة كل الأطباء المسئولين هناك، ولا تزال تتمتع بصحة جيدة... فما أحوجنا أن نشكر في كل حين وعلى كل شيء...