![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() البابا شنودة الثالث درجات من الشكر والشكر في حياة أبناء الله على درجات: أقلها هو الشكر على المعجزات والمواهب الفائقة والنعم العظيمة، وعلى الخيرات الوافرة والواضحة، التي لا يشك أحد في خيريتها وفي عظم نفعها. وربما في غير ذلك قد لا يشكر البعض! وقد تمر عليهم النعم (البسيطة) مرورا عابرا. وخيرات أخرى قد يرونها طبيعية وعادية ولا تحتاج إلى شكر! وهناك شكر أعلى قيمة، وهو الشكر على القليل: قد يكون مستوى عاديا في حياة الشكر، أن يشكر إنسان على شفاء مريض من داء خطير كالسرطان مثلا. ولكن إن شكر على الشفاء من دور زكام أو برد، فانه يدل على أنه متعود في حياته على الشكر، سواء على الكثير أو القليل. إننا إن شكرنا على القليل، يقيمنا الله على الكثير. ولعله من فوائد الشكر، استمرار النعم وزيادتها. وفي هذا قال أحد الآباء: (ليست موهبة بلا زيادة، إلا التي بلا شكر). هناك أيضًا شكر على الخفيات، على ما لا يُرى.. شكر من أجل الحروب والمتاعب، التي كان ممكنا أن تصل إلينا، ولم تصل. وذلك بسبب حفظ الله وعنايته. وشكر على عمل الله في رعايتنا والعناية بنا، وان كنا لا نرى ذلك، ولكننا نؤمن به تماما. لا شك أن الشيطان يبذل قصارى جهده من أجل ضررنا وإسقاطنا. فان كنا الآن بخير، فذلك لأن الله قد منع الضرر عنا، الضرر الذي لا نعرفه.. ونحن نشكر الله على هذا الحفظ. طبيعي أننا نشكر الله على الضيقات التي أنقذنا منها.ولكن هناك ضيقات أوقفها في الطريق قبل أن تصل إلينا. إننا لا نعرفها، ولكن نشكر الله على حفظه لنا منها.. شكرنا على إنقاذه لنا من الضيقة، هذا أمر نراه. أما الشكر على حفظنا من الضيقة، فهو شكر على ما لا نراه. صدقوني، لو كشف الله لنا المصائب التي كنا معرضين لها، وحمانا الله منها، وأبعدها عنا لو كشف لنا ذلك، ما كانت حياتنا كلها تكفى للشكر. إننا نشكر على الأمور الخفية، التي هي في علم الله، والتي قد يسمح الله فنعرفها بعد حين، في وقتها، أو قد لا نعرفها على الإطلاق.. في كل ذلك يكون الشكر ممزوجا بالحب. درجة أخرى وهي الشكر كل حين على كل شيء. وفيها حياة الإنسان تكون كلها شكرا، على كل حال يعيش فيه،وقد شرحنا هذا الأمر. والشكر الدائم لا يحتاج إلى سبب واضح محدد، وما أكثر الأسباب.. ولكن يكفى أننا في رعاية الله، وأننا أبناء له، أيا كانت حالتنا. ويرتبط هذا الشعور بحياة التسليم. ولا يتوقف شكرنا مطلقًا على نوعية الحال الذي نحن فيه.. الشكر على الضيق أعلى درجة في الشكر هي الشكر على الضيقات. إننا نشكر الله على الضيقات التي أنقذنا منها، وهذه أقل الأنواع. ولكن الأعظم من هذا أن نشكره أيضًا على الضيقات القائمة التي مازلنا نعيش فيها ونحتملها. وبالإيمان نثق أنها لخيرنا، فنشكره عليها. إن الصبر على الضيقة واحتمالها فضيلة. والرضى بالضيقة وقبولها فضيلة أكبر. وأعظم من كل هذا، الشكر على الضيقة.. الشكر بفرح، وليس كمجرد واجب.. صدقوني، إننا إن شكرنا على النعم فقط، يكون حبنا هو للنعم، وليس لله معطيها! أما إن شكرنا الله حتى على الضيقة، فإنما نبرهن على أننا نحب الله ذاته وليس عطاياه. أي لسنا نحب منه ما يهبه من سعة ورحابة ورفاهية وخيرات، أو ما يهبه من هدوء وسلام أن الله وحده هو الهدف، سواء منحنا ضيقة أم خيرات.. نشكره على كل حال، وفي كل حال.. إننا نشكره مهما حدث. ولا نسمح للأحداث المؤلمة، أن تقلل إيماننا بحفظ الله أو تقلل شكرنا له. ولا نسمح لهذه الأحداث أن تنزع سلامنا منا، أو فرحنا بالرب. إننا نفرح في الرب كل حين، أيا كانت الظروف الخارجية، ونعيش في سلام مع الله والناس، في كل الظروف.. وهذا الشكر وهذا الفرح، له تأثيره على الآخرين.. فحينما يرون شكرنا على الضيقة، وهدوءنا وفرحنا، يتعزون. نعم، حينما يرون سلامنا القلبي وشكرنا، يتعزون بهذه المبادئ الروحية التي قدمها الإنجيل بل نكون قدوة لهم بحياتنا وتصرفنا، إذ قال الروح أن من ثمر الروح (محبة وفرح وسلام) (غل 5: 22) فمن توجد فيه هذه الثمار، فليشكر الله. الضيقات أيضًا تحتاج إلى الشكر، لأنها تقوى الروحيات. إنها تمنح الإنسان عمقا في الصلاة، وعمقا في الصلاة، وعمقا في الصلة بالله، وعمقا في الصوم، وفي الإيمان،وتعطى الكنيسة قوة ووحدة، وتلم شملها، وترفع قلوب أبنائها إلى الله. وربما ضيقة شديدة تقود الإنسان إلى حياة التوبة، أكثر من مائة عظة، وأكثر من قراءة كتب روحية عديدة.. وفى الضيقات نرى يد الله تعمل. إنها ترينا الله وعمله، وتدخله في حياتنا، وحمايته لنا. وترينا قوة الله، وحلول الله العجيبة، وتعطينا خبرات روحية ما كنا نصل إليها بدون الضيقة، كما أنها تغربل الكنيسة وتفضل الزوان عن الحنطة..كل هذه الأسباب وغيرها نحن نشكر الله على الضيقة، ونرى فيها بركة.. وطبيعي أن الذي يصل إلى الشكر على الضيقة، سيشكر على كل شيء آخر.. هكذا يعيش حياة الشكر الدائم، ولا يتذمر مطلقًا. ضيقات تستحق الشكر من أجل الأمثلة آباؤنا الرسل لما سجنوهم وجلدوهم: يقول الكتاب أنهم بعد أن أطلقوهم (ذهبوا فرحين أمام المجمع، لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه) (أع 15: 41) وهكذا إن آباءنا الرسل حسبوا كل تلك الآلام والإهانات بركة لا يستحقونها. ذلك لأن الضيقات هي شركة في آلام المسيح: يقول الكتاب في ذلك (لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله) (فى 1:29) إذن فالآلام هبة. ومادامت هبة، لماذا لا نفرح بها ونشكر عليها؟! قال القديس بولس الرسول (لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه، متشبها بموته) (فى 3: 10) هذه هي شركة الآلام التي فرح الآباء الرسل بأن يكون مستأهلين لها.. إن الشخص الروحي، إذا وهبه الرب صليبا ليحمله، يفرح بهذا الصليب ويشكر عليه، لأنه شركة في آلام المسيح. وهو يشكر على الضيقة، تمامًا كما يشكو على النعمة، لأن الضيقة نعمة.. الكثيرون يركزون على ما في الضيقات من آلام وتعب، لذلك تضغطهم هذه الآلام وتتعبهم، أما الروحيون فأنهم يتأملون في شيء آخر، وهو: لماذا سمح الله المحب بهذه الضيقات؟ لا بُد أن وراءها خيرًا، وبركة.. إن كنا لا نرى هذا الخير الآن، فعدم رؤيتنا لا تمنع وجوده. بالإيمان نراه، وان كنا بالعيان لا نراه.. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تعزيات تستحق الشكر |
فإنك تستحق كل الشكر |
حتى اللَّاشيء الذي يحدث في اليوم نعمةٌ تستحق الشكر |
ضيقات تستحق الشكر |
ضيقات تستحق الشكر |