القس مرقس ميلاد
- المنع في حياة أبونا يعقوب كان في تغير معاملات الناس
† وقد يأخذ المنع صورة أخرى كما حدث في حياة يعقوب. فقد تتغير طريقة معاملة الناس معك وطريقة مقابلتهم لك فجأة. أي أن المشكلة ليست مشكلة مال أو مشاكل صحية ولكن مشكلة علاقات إنسانية ويكون الله له مقاصد من هذا. الله يقفل هذا الباب بقصد أنه يريد أن يوصل لك رسالة.
† فيعقوب ذهب إلى خاله لابان وظل عنده 20 سنة حيث تزوج وأنجب وأصبح غنيًا، وكان من غير الوارد أن يرجع إلى والده إسحق فكل ما يحتاجه موجود عند خاله لابان. وعندما ذهب أبينا يعقوب إلى خاله لابان لم يأخذ مشورة الله، بل كان هذا بناءًا على مشورة أمه رفقة، هي التي اقترحت عليه ذلك حتى يهرب من غضب أخوه عيسو. كانت خطة الله أن يرجع يعقوب إلى بيت إيل، المكان الذي نذر فيه يعقوب النذر حيث يقول الكتاب:
"وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا قَائِلًا: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَحَفِظَنِي فِي هذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ، وَأَعْطَانِي خُبْزًا لآكُلَ وَثِيَابًا لأَلْبَسَ، وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلهًا، وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ، وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ" (سفر التكوين 28: 20-22).
ولكن يعقوب عندما ذهب إلى خاله لابان هداه تفكيره البشري أن يظل هناك فلماذا يرجع فهو سعيد في ذلك المكان ولا يحتاج لشيء حتى لو لم تكن هذه مشيئة الرب له. وكانت نتيجة هذا الاختيار البشري هو ما جاء في "تكوين 31" حيث يقول الكتاب: "وَنَظَرَ يَعْقُوبُ وَجْهَ لاَبَانَ وَإِذَا هُوَ لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ" (سفر التكوين 31: 2). طوال العشرين سنة التي مضت ولابان سعيد بيعقوب لأنه كان سبب خير كثير له، راعي ماهر والغنم كثرت تحت يديه وسعداء معًا. ولكن بعد فترة لابان بدأ يغتاظ من الغنى الذي صار فيه يعقوب. فسمح الرب أن معاملة لابان ليعقوب تنقلب فجأة، دون أن يصدر أي خطأ من يعقوب.
† نفس الشيء يحدث معنا يا إخوتي. فقد تجد فجأة معاملة الناس تغيرت لك، سواء كانوا زملاء عمل أم جيران أو غيره، ويكون ذلك دون أن يصدر منك أنت أي خطأ. حينئذ يجب أن تفهم فورًا أن هناك رسالة يريد أن يوجهها لك الله ولا بد أن تستمع لصوت الله، فهذه الأمور لم تحدث صدفة، هذه الأمور فيها يد حامل كل الأشياء بكلمة قدرته.
† كانت الرسالة بالنسبة ليعقوب أن الله يريده أن يرجع إلى أرض آبائه حيث جاء بعد ذلك مباشرة قول الكتاب: "وَقَالَ الرَّبُّ لِيَعْقُوبَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ، فَأَكُونَ مَعَكَ»" (سفر التكوين 31: 3). ليس بالضرورة أن يكون ما حدث مع يعقوب ورسالة الرب له معناه أنه إذا كنت أنت في مكان وتغيرت معاملة الناس معك أن يكون الله يريدك أن تترك هذا المكان. لا. بل إذا حدث معك هذا أعرف أن الرب يريد شيئًا معينًا.
† المبدأ الذي نريد أن نرسخه أن هذه يد الله والله له هدف من ذلك. هناك رسالة الله يريد أن يوصلها من الذي حدث. بالنسبة ليعقوب كانت الرسالة أن يرجع إلى أرض آبائه. وبالنسبة لك يكون المطلوب منك أن تجلس مع الله وتطلب منه أن يسمح لك أن تسمع صوته. والمسيح وعد ألا يتبعه أحد ويسير في الظلمة بل تكون له نور الحياة.
† أبسط شيء ممكن يكون سبب لما يحدث لك من مثل هذه المشاكل، هو أن الله يريد أن يكسر فيك هذه الذات أو الأنا. أحيانًا تكون هذه هي سياسة الله. فالله وجد أن ذاتك بدأت تكبر، وهو يريد خلاص نفسك فلا بد أن تواجه مشكلة تكسر هذه الذات. وكما قال لتلاميذه: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (إنجيل متى 16: 24). مرات كثيرة تجد هذه المشاكل أمامك لا لشيء إلا لكسر المشيئة. قد يكون هذا هو الدرس الذي يريد الله أن يعلمه لنا.
ولا بد أن ترجع إلى الله وتقول له يا رب قل لي، وهو لن يتركك في الظلمة ولن يتركك في حيرة لكن يجب أن تعرف أن هذه يد الله وهناك رسالة الله يريد أن يوصلها لك.
† يعقوب سمع صوت الله قائلًا له: "ارْجعْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ، فَأَكُونَ مَعَكَ" (سفر التكوين 31: 3) وبالرغم من ذلك إلا أنه في الطريق ذهب إلى شكيم لأنها أعجبته. فاستقر في شكيم. رؤيته البشرية جعلته يرى شكيم مرعى جيد وكانت النتيجة أن خرجت دينة ورآها شكيم بن حمور واضطجع معها وأذلها، وقام شمعون ولاوي على الرجال وذبحوهم، مثل أرشيف مارمرقس وغيره. فاضطر يعقوب أن يطيع كلام الله لأنه لم يجد مخرجًا سوى الرجوع إلى أرض آبائه. فهو لن يستطيع الرجوع للابان ولن يستطيع الرجوع لعيسو وأهل شكيم طردوه ليس أمامه طريق سوى الرجوع إلى بيت إيل. وكان كل هذا حصار الله ليعقوب ليجعله يسير في طريق معين.
وتسأل: وما هو الطريق الذي يريدني الرب أن أسير فيه؟ وأجيبك أنه لا بد أن تجلس مع الله وتصلي وتطلب منه إرشادك وهو لن يتركك وسيريك الطريق وتسمع صوته. ولكن لا بد أن تسأله بهذه الروح أنك تفهم جيدًا أن ما يحدث لك سواء كان مشاكل مادية أو أنك محصور في ضيقات وتجارب أو معاملات الناس تغيرت معك أو ظروف صعبة نشأت فيها - وهذه أصعبهم وسنتكلم عليها فيما يلي – كل هذا بسماح من الرب لهدف معين.