الملك المثالي
المزمور المئة والواحد
1. المزمور المئة والواحد هو مزمور تعليمي يشدّد على السلوك في طريق الكمال، والسير مع الرب بقلب سليم. فيعلن فيه الملك التزامه بأن يجعل العدل سائدًا في البلاد.
2. وعد الملك لله يوم توليه الملك.
آ 1- 2: فعل إيمان يتلوه الملك. الرحمة هي رحمة الرب (أش 55: 3= النعم المعطاة لداود)، والعدل هو عدل شريعة العهد الذي يلتزم الملك بأن ينفِّذها. يقول سفر تثنية الاشتراع (17: 18- 19): "ومتى جلس على عرش ملكه فليكتب نسخة من هذه التوراة... ولتكن عنده يقرأ فيها كل أيام حياته لكي يتعلّم كيف يتّقي الرب... ويعد الملك بأن تكون حياته كاملة لا عيب فيها".
آ 3- 8: يعلن الملك كيف ستكون حياته مع الرب، وكيف سيهتمّ خصوصًا بالعدالة الاجتماعية. يتهرَّب من كل سحر وعبادة أوثان، كما لا يتعرف إلى المرتدّين عن الرب البعيدين عنه. هو يبتعد عن الشر والاشرار. والأشرار هم من يتلاعبون بلسانهم، كذبًا أو سحرًا. ويقطع من شعبه كل من يغتاب قريبه ويسفك دمًا زكيًا (لا 19: 16)، وكل متكبّر وغاش وكاذب (أش 2: 11 ي؛ مي 6: 10 ي؛ خر 20: 16). وسيبقى في أورشليم، المدينة المقدسة، كل الذين يعيشون بالامانة ويسلكون طريق الكمال. أما الاشرار فسوف يستأصلهم، لأن المدينة المقدسة تمجّهم. وأخيرًا (آ 8) يتبع الملك ما قاله الرب على لسان إرميا (21: 12): "أجروا الحكم في الصباح، وأنقذوا المسلوب من يد الظالم، لئلا يخرج غضبي كالنار...".
3. نلاحظ أن دستور الملك هذا ظلّ حبرًا على ورق بالنسبة إلى معظم ملوك اسرائيل. يكفي أن نقرأ سفري الملوك الاول والثاني وسفري الاخبار ومقاطع من الأنبياء لنعرف الشرّ الذي فعلوه وكيف حملوا شعبهم إلى الخطيئة.
طريق الطاعة لا يأتي بدون تعب، بل نتعلّمه في تأمّل دائم ومتجدّد في شريعة الرب. والانسان، ملكًا كان أو ابن الله، يحتاج إلى عون من يد ربه لكي تدخل هذه الطاعة في قلبه. وأفضل وسيلة هي الشريعة التي تجعل الانسان حكيمًا فتذكره بكل ما عمله الله له (عب 5: 8: تعلم الطاعة).
أورشليم مدينة مقدّسة لا يجب أن يبقى فيها الاشرار والعاملون بالسوء.
4. في هذا المزمور نقرأ برنامج الكمال الذي يتأمّل فيه الامير كل صباح. أما المسيحي فيستطيع أن يتأمل في عظة الجبل (مت 5- 7) التي تدلّه على طريق الكمال إن شاء أن يلتقي الرب ويسير على خطاه.
والملك المثالي هو يسوع المسيح "ذلك القدوس البريء الذي لا عيب فيه ولا صلة له بالخاطئين" (عب 7: 26)، ذلك الذي هو من سلالة داود (رؤ 28: 16). الذي يطرد من ملكوته "الكلاب والسحرة، والفجَّار والقتلة وعبدة الاوثان وكل من يكذب ويحبّ الكذب" (رؤ 22: 15)، لأنه لا يسمح أن يدخل مدينته، أورشليم السماوية، "أيَّ شيء نجس ولا الذين يعملون الفضائح بل الذين أسماؤهم مكتوبة في كتاب الحياة" (رؤ 21: 27).
5. تأمّل
كيف لا نميّز في مرآة هذا الامير الصالح صورةَ الذي كان "قدوسًا بريئًا بلا عيب ومنفصلاً عن الخاطئين" (عب 7: 26)، صورة "نسل داود" (رؤ 22: 16) الذي أرسل ليطرد من ملكوته "الكلاب والزناة والقتلة وعابدي الاوثان وكل من يحبّ الكذب ويتكرس له" (رؤ 22: 15)؟
المزمور المئة والواحد هو مزمور يفيد منه كل مسيحي لأنه يذكّره بمثال الاستقامة الذي يفرضه الانجيل على المؤمنين. ولكنه يتوجّه بصورة خاصّة إلى الذين يمارسون السلطة في الكنيسة أو في الدولة. وهو يشير إليهم أن عليهم أن يقوموا بواجباتهم بالنزاهة وطهارة الذيل، وأن يختاروا معاونيهم أفضل اختيار ودون مراعاة الخواطر، وأن يؤمّنوا الخير للخاضعين لهم، وأن يقيموا النظام في الكنيسة. وكل هذا من أجل مجد الله. قال المزمور: سأحفظ الشريعة والعدالة لأرضيك يا إلهي (رج روم 13: 4؛ 1 بط 2: 14؛ 5: 1- 4؛ حك 6: 5).