أ. حلمي القمص يعقوب
كيف كان التغيير المفاجئ في حياة الآباء الرسل دليل قاطع على صحة القيامة؟
5ـ التغيُّير المفاجئ في حياة الرسل:
س 31: كيف كان التغيير المفاجئ في حياة الآباء الرسل دليل قاطع على صحة القيامة؟
ج: كان التلاميذ ساعة القبض على المسيح في خوف وهَلع مما دفعهم للفرار والهرب "حينئذٍ تركه التلاميذ كلُّهم وهربوا" (مت 26: 56) وبطرس الذي تبعه قليلًا أنكر ولعن وشتم وسبّ الاسم المملوء بركة خوفًا من الموت. لقد فقد التلاميذ رجاؤهم في المسيا المُخلّص. آه لو لـم يهربوا لكانت نهايتهم كنهاية معلمهم، ولأرتفع على الجلجثة اثنى عشر صليبًا. لقد غاصوا في أحضان العلية وغلَّقوا الأبواب.
ولكن عقب القيامة تغيَّر سلوك وحياة التلاميذ فإذ بالشجاعة تطرح الخوف خارجًا، وإذ بالجسارة تحطّم الجُبن تحطيمًا، وإذ بالتلاميذ المذعورين يروحون ويجيئون في أورشليم بمنتهى الحرية ومنتهى القوة، وكأن أورشليم بأكملها صارت بيتًا آمنًا لهم، ولم تفلح تهديدات رؤساء الكهنة، ولم تنجح عصا التأديب في تخليهم عن الكرازة بقيامة المسيح المصلوب "وبقوَّة عظيمة كان الرُّسل يؤدُّون الشهادة بقيامَةِ الرب يسوع، ونعمَةٌ عظيمة كانت على جميعهم" (أع 4: 33) وبطرس الذي أنكر سيده أمام جارية يقف أمام رؤساء الكهنة يتهمهم بسفك دم الإنسان البريء "ورئيس الحياة قتَلتُمُوه، الذي أقامَهُ اللَّه من الأمواتِ، ونحن شهودٌ لذلك" (أع 3: 15).
6ـ نجاح الكرازة:
س32: هل نجاح الكرازة بالمسيحية يُعد دليلًا على حقيقة القيامة؟
ج: لقد كرز الرسل بالمسيح المصلوب القائم من بين الأموات، فضجرت القيادات الدينية من كرازتهم هذه، حتى أن بطرس ويوحنا: "أقبَلَ عليهما الكهنة، وقائد جُند الهَيكل والصَّدُّوقيُّون، متضجِّرين من تعليمهما الشعب، وندائِهما في يسوع بالقيَامة من الأموات" (أع 4: 2) بل كانت القيامة هي محور الكرازة حتى قال بولس الرسول: "وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلَةٌ كرازَتُنا وباطِلٌ أيضًا إيمانكم، ونوجَد نحن أيضًا شهود زور للَّه، لأننا شهدنا من جِهَةِ اللَّه أنه أقام المسيح وهو لم يُقِمه" (1كو 15: 14، 15).
فلو لم تكن القيامة حقيقة ثابتة ما كان كرز بها جميع الرسل في كل أنحاء العالم؟
ولو لم تكن القيامة حقيقة ثابتة لأستطاع رؤساء الكهنة أن يُسكّتوا صوت التلاميذ، إما بالحجة والإقناع، أو بالسجن والتأديب، ولكن كل هذه الأمور لم تفلح في إسكات صوت الحق.
ولو لم تكن القيامة حقيقة ثابتة.. فكيف نجحت الكرازة وانتشرت بهذه الصورة انتشار النار في الهشيم رغم عِظم المعوقات؟
ولو لم تكن القيامة حقيقة ثابتة.. فكيف جرت مئات المعجزات بِاسم المسيح القائم وهو لم يقم بعد: "وجَرَت على أيدي الرُّسُل آياتٌ وعجائِبُ كثيرةٌ في الشعب" (أع 5: 12).. "وكانت عجائِبَ وآياتٌ كثيرَةٌ تُجرَى على أيدي الرُّسُل" (أع 2: 43)؟!
ولو لم تكن القيامة حقيقة ثابتة.. فكيف شهد اللَّه لصدق الرسل فقال الإنجيل عن بولس وبرنابا: " الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويُعطي أن تُجرى آيات وعجائب على أيديهما" (أع 14: 3).. "شاهدًا اللَّه معهم بآياتٍ وعجائِبَ وقواتٍ متنوِّعة ومواهب الروح القدس" (عب 2: 4)؟
لقد غيرت القيامة حياة الرسل، حتى قال عنهـم يهـود تسالونيكي أنهم "فَتَنوا المَسْكُونَة" (أع 17: 6) بتعاليمهم.. حقًا أنهم قد سلّموا البشرية أرقى أنواع التعاليم الأخلاقية التي تسلّموها من السيد المسيح رأسًا، فاللطـف وقت الشدة، والتواضع مع القوة الروحيَّة، والوداعة مع الشجاعة، وحياة القداسة والإيمان الذي ينقل الجبال.. إلخ.. حقًا لقد استنارت حياتهم بالقيامة فلم تقوَ ظلمة العالم ولا شراسة وضراوة الاضطهادات على إطفاء أنوار القيامة في حياتهم.