إن الضيق الذي أصاب حزقيا أنشأ فيه نضوجًا روحيًا، فإن كنا في البداية نراه مشغولاً بحاجته، مصليًا لأجل نفسه، إلا أننا بعد ذلك نراه يتحول نحو هذا الإله المجيد واجدًا فيه كل مبتغاه وكل أمانيه. فنستمع إلى هديره الحلو الهادئ، والذي يُعبِّر عن نفسٍ متعطشة لباريها، وروحٍ جائعة لإلهها.
وإننا نجد ذات الاختبار يتكرر كثيرًا على صفحات الوحي. فإذ نقترب إلى داود وهو مطارد من شاول، عندما كان في برية يهوذا، ونستمع إلى أنَّات قلبه وهديره الحزين، لا نستمع إلى كلمات تطلب خلاصًا من يد شاول، أو استعجالاً للجلوس على العرش، أو قليلاً من الراحة بعد كثرة العناء والمشقة من ملاحقة شاول المستمرة له. لا لم يكن هذا هو هدير داود من جرَّاء الضيق الذي يجتاز فيه, بل إن ما أنشأه هذا الضيق في داود هو مزيد من الحنين والأشواق للرب، وليس لخلاصه؟! من أجل ذلك نستمع إلى لحنه الراقي الصافي قائلاً: «يا الله إلهي أنت.إليك أبكّر. عطشت إليك نفسي. يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء» (مز63: 1).