رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ضيف على الله
المزمور الحادي والستون 1. المزمور الحادي والستون هو صلاة توسّل يرفعها الملك العائش بعيدًا عن صهيون، فيطلب من الله أن يسمح له بدخول الهيكل والاحتماء تحت أجنحة الكروبيم. هو لا يطلب حق اللجوء خوفًا على حياته، ولا يبتغي أن يسلم قضيته إلى الرب (كما في المزامير 5، 18، 37)، بل يعبر عن اشتياقه إلى الحضور أمام الله ليحمل إلى شعبه بركة الله. صلاة هذا المزمور ستدخل في حياة أبناء شعب الله المشتّتين البعيدين عن الهيكل، وستكون خاصّة صلاة اللاويين الذي يبتغون البقاء في الهيكل ورؤية وجه الله كل يوم وكل ساعة. 2. شوق المؤمنين إلى صهيون مدينة الملك المسيح. آ 2: المقدمة: صلاة يرفعها إلى الله كل ضائع قلق: اسمع صراخي وأصخ إلى صلاتي. آ 3- 4: يتمنّى الملك أن يقبله الله ضيقًا عنده، لأنه يجد في الهيكل الطمأنينة والحياة: مسكن الرب صخرة وحصن منيع بوجه العدو: يصرخ المرتّل من البعيد، من أقاصي الأرض، ويطلب مساعدة الرب، لأنه لا يستطيع الوصول إلى صخرة الحياة بقواه الخاصّة. آ 5- 6: يدخل الملك إلى خيمة الله ويجلس بظلّ جناحيه، ويعبّر عن فرحه لأن الله سمع له وأجابه إلى رغبات قلبه. ماذا طلب الملك؟ الخير والسعادة، والحياة المشمولة ببركة الله (مز 21) من أجل شعبه. آ 7- 8: يُدعى الشعب إلى الصلاة مع ملكه ومن أجل ملكه ليطيل الله بعمره ويغمره ببركته وأمانته، لأن الحكم الطويل لا خير منه إن لم يجلس الملك أمام الله متقبِّلاً تعليمه، مصغيًا إلى ارشاداته. آ 9: الخاتمة: يعد الملك ربه بإيفاء نذوره وتقدمة ذبيحة شكر له، لأنه استجاب له طلباته. 3. يطلق الملك صرخته من أقاصي الأرض، وبُعدُه عن الله يجعله يحسّ أنه قريب من عالم الموت. والصخرة التي يتطلع إليها (هي مرتفعة وصعبة المنال) هي صهيون، رمز الحياة التي يعطيها الله (27: 5). يأتي المرتّل إلى هيكل الرب، ويختبئ تحت جناحيه كالعصفور (أش 31: 5 يشبه الله بعصفور يحمي أورشليم). يرافق الملك في انشاد هذا المزمور الكاهنُ واللاوي، وكل مؤمن اشتاق إلى السكن قرب الله: ما أحب مساكنك يا رب الجنود، تشتاق وتذوب نفسي إلى ديار الله. 4. نحن المؤمنين نشتاق إلى أن نكون بقرب الله، وأن ننظر إلى أورشليم المسيحانية الازلية، ونعرف أننا ضيوف الله وأبناؤه في شخص المسيح، ملك صهيون، الذي أراد أن يجمعنا تحت جناحيه كما "تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها" (مت 23: 37). جاء المسيح ملكًا في حالة الاتضاع، ولكنه سيرجع بمجد عظيم في نهاية الأزمنة. هذا المسيح الممجّد تاق القديس بولس إلى لقياه عندما قال: "حياتي هي المسيح وإن مت فذلك ربح لي" (فل 1: 21). غير أننا بانتظار هذا اللقاء لا نزال نئنّ مثقلين، لأننا لا نريد أن نخلع (جسدنا)، "ونعلم أننا ما دمنا مقيمين في الجسد، نظل في دار غربة عن الله" (2 كور 5: 4- 6). إنما تبقى كلمة الرسول فاعلة في قلوبنا: "فإذا حيينا فللرب نحيا وإذا متنا فللرب نموت: سواء حيينا أم متنا فإنّا للرب" (روم 14: 8) الذي لا انقضاء لملكه. 5. تأمّل نجد في هذا المزمور طلبًا يرفعه الملك إلى الربّ مع مواضيع ليتورجيّة مثل اللجوء تحت جناحي الله. هو لا يطلب من الله أن يدين ويجازي الأشرار بشرّهم، بل الحماية والراحة في كنف الربّ. هذا الملك عطشان إلى الرب مثل الأيّل في الصحراء، يتطلّع إلى نبع مياه. وخلاصه دلالة على خلاص شعبه، لأنه يمثّل الشعب أمام الله وصلاته هي صلاة الشعب من عمق الضيق والألم. يبدأ هذا المزمور بالنداء. أن يستقبله الله. عنده الرجاء والطمأنينة والحياة. فقام الرب لمن يحتمي به هو صخرة وحصن في وجه الأعداء. أجل، الرب صخر منيع في وجه العدو. وهو أيضًا منيع بوجه التقيّ. هل يستطيع أن يدركه فيصل إلى منابع الحياة. هي نعمة يطلبها المؤمن بعد أن أحسّ نفسه في موضع قفر "غاب" الله عنه. لهذا، يرتفع صراخه من عمق الهوّة. وهو لا شكّ سيرتفع إلى السماء. ويدخل المؤمن إلى جوار الربّ. يعيش في خيمته عيشًا حميمًا. "وأنا بكثرة رحمتك أدخل بيتك يا رب" (5: 8). يختبئ تحت جناحيه كما الصغار تحت جناحي الدجاجة. ويسمع الرب، ويصغي، ويستجيب. فماذا يطلب المؤمن بعد أن سمع الله؟ لا شيء. لهذا، لن يبقى له سوى أن يرتّل لاسم الربّ على الدوام. 6. تصرخ الكنيسة من أقاصي الأرض. بما أننا أعضاء المسيح ومقيمون في جسده، كما طلب منا أن نؤمن، فنحن نسمع في هذا المزمور صوتنا لا صوتًا غريبًا. لا صوتنا وكأنه صوت الذين هم حاضرون هنا في الجسد، بل صوتنا الذين يضمّ جميع الذين هم على الأرض من مشرق الشمس إلى مغربها. ويكلّمنا المرتّل هنا بشكل شخصيّ لكي نرى هنا صوتنا. لا شكّ في أن ليس هذا هو الوضع، بل هي الكنيسة الواحدة تتكلّم كما بفم شخص فرد. ففي المسيح نحن كلنا إنسان واحد، رأسه في السماء، وأعضاؤه ما زالوا يتعبون على الأرضر. وبما أنهم يتألمون تراهم يقولون: "استمع إلى صراخي، وأصغ إلى صلاتي". من يتكلم؟ شخص فرد. ولكن تنبّه إلى ما يقال: "من كل أصقاع الأرض صرخت إليك في ضيق قلبي". إذن، لم نعد أمام شخص فرد. بل هو شخص فرد. هو واحد لأنه المسيح الذي نحن أعضاؤه. فكيف يستطيع الفرد أن يصرخ عن كل أصقاع الأرض؟ هذا الصراخ ليس ممكنًا إلاّ لهذا الميراث الذي امتلكه الابن حين قيل له: "سلني فأعطيك الامم ميراثًا وأقاصي الأرض ملكًا" (مز 2: 8). إذن، هو ملك المسيح، ميراث المسيح، جسد المسيح، كنيسة المسيح الواحدة، هذه الوحدة التي هي نحن تصرخ من كل أصقاع الأرض. "استمع يا الله إلى صراخي وأصغ إلى صلاتي. من كل أصقاع الأرض صرخت إليك". من كل أصقاع الأرض، أي من كل مكان. ولكن لماذا صرخت؟ "كان قلبي في الضيق". هو مجد عظيم لذاك الحاضر في كل أمم الأرض. وهي محن عظيمة. فحياتنا في سفرنا على الأرض لا يمكن أن تكون بمنأى عن المحن. ولا إكليل إلاّ بعد النصر الذي يتبع القتال ضدّ العدوّ والتجارب. إذن، في الضيق يصرخ هذا الإنسان من كل أصقاع الأرض. هو في الضيق ولكنه ليس متروكًا. فالربّ أراد أن يعطينا صورة عن نفسه، نحن جسده، في جسده الخاص به الذي فيه مات وقام وصعد إلى السماء، لكي يتأكّد الأعضاء أنهم سيبلغون إلى حيث بلغ الرأس. (أوغسطينس). |
|