ارحمني يا الله
المزمور الحادي والخمسون
1. المزمور الحادي والخمسون هو مزمور توسّل فرديّ، يطلب فيه المرتّل من الرب غفران خطاياه وتجديد قلبه بالتوبة. يصلّيه المؤمنون في الهيكل أو في بيوتهم، وهم حاملون خطاياهم أمام الرب. وستصلّيه جماعة شعب الله بعد الجلاء، وهي تحمل ذبائحها مع قلبها التائب، وتلتمس إعادة بناء المدينة والهيكل.
2. قلبًا نقيًا أخلق فيَّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدّد في داخلي.
آ 3- 4: مقدمة: دعاء وتوسّل يرفعه المرتّل إلى الله طالبًا منه الغفران: ارحمني يا الله، أمحُ معاصيّ...
آ 5- 7: الاقرار بالخطيئة: أنا عارف بمعاصيّ، وخطيئتي أمامي كل حين.
"إليك وحدك خطئت": لولا وجود الله لما كانت الخطيئة، لأن كل خطيئة تدلّ على علاقة سلبيّة بالله.
في الخطيئة حبلت بي أمي. قد رأى البعض في هذه الآية تلميحًا إلى تعليم الكنيسة في الخطيئة الأصليّة. ورأى البعض الآخر أن المرتّل هو ابن زنى، فيقول إن أمه حبلت به بالخطيئة، فلم يعد له أن يدخل الهيكل ويشارك في الأعمال الليتورجية. ولكنّ الله يستطيع أن يغسله حتى من أشنع الخطايا وأبشعها.
آ 8- 14: يلتمس المرتّل أن ينزَّه عن كل عيب، ويحصل على روح الربّ، لأن الرب وحده ينقّيه من خطيئته، ويعطيه روحًا جديدًا وقلبًا جديدًا. ويصوّر لنا المرتّل خطيئته كمرض البرص، ولهذا فهو يحتاج إلى الزوفى ليطهر (لا 14: 3 ي) ويبيَّض أكثر من الثلج.
"إمنحني بهجة خلاصك فتجذل عظام حطّمتها". أيكون المرتّل مريضًا، فأحسّ بأن مرضه متأتٍّ عن خطيئة أمه أو خطيئته هو؟ ولهذا نراه يعود فيردّد: أحجب وجهك عن خطاياي، أمح كل مآثمي. ويطلب إلى الله أن يخلقه من جديد (والخلق فعلٌ خاصّ بالله) فيمحو الماضي، ويهيِّئ له مستقبلاً جديدًا يُرجع إليه الثقة بنفسه. "لا تبعدني من أمام وجهك": اسمح لي أن أدخل هيكلك مع الجماعة، وأصلّي وأسبّح، فأستعيد الفرح والبهجة، وأسمع كلام السرور في الليتورجيا.
آ 15- 19: يعد المرتّل الله بأن يقدّم إليه ذبيحة شكر تعبيرًا عن حمده له واقرارًا بفضله عليه. والمرتّل بعد رجوعه إلى الرب، سيعمل على إرجاع الخاطئين إليه.
"نجنّي من الدماء": هل يعني هذا التوسّل أن المرتّل اقترف ذنب قتل، أو أنه مهدّد بالقتل، أو أنه فُرض عليه واجبُ القتل ليأخذ بثأر قريب له؟ أيعني أنه يريد أن يترك الذبائح الدمويّة لأن الذبيحة عند الله روح منكسرة (مز 50: 1 ي؛ أش 66: 1 ي)؟ لقد فهم المرتّل أن الذبيحة تستطيع أن تقرّب الإنسان من الله أو تبعده عنه، وذلك بحسب استعدادات قلبه. ولهذا فالذبيحة الحقيقيّة هي القلب المنكسر، أي تلك التي فيها يقدّم الإنسان ذاته إلى الربّ.
آ 21- 22: صلاة من أجل أورشليم وإعادة بنائها. زيدت هذه العبارة بعد الرجوع من الجلاء، فأعطت المزمور بُعدًا جماعيًا، فلم يعد صلاة الفرد وحسب، بل أصبح صلاة الجماعة التي تقدّم الذبائح كعلامة خارجيّة حسيّة على عبادتها لربّها.
3. في هذا المزمور نواجه الخطيئة والمغفرة والتجديد. الله وحده يغفر، ويخلق في الإنسان قلبًا جديدًا، ويجعل روحه القدّوس عليه. كما نكتشف أن رجوع التائب إلى الله يرمز إلى رجوع أورشليم إلى الربّ. وكما يتوقّع المرتّل أن يعود إلى الربّ بعد أن أقرَّ بخطيئته وخطيئة أمه، كذلك يتوقّع مساكين يهوه (الرب) أن يعودوا إلى المدينة المقدّسة والهيكل، بعد أن أقرّوا بخطيئتهم وخطيئة أورشليم أمهم التي زنت لمّا تركت الرب الاله وتعلّقت بالآلهة الغريبة (وعبادة الأوثان هي زنى وخيانة بالنسبة إلى الربّ). وهكذا نفهم معنى عبارة "بالخطيئة ولدتني أمي": فأورشليم هي أم الشعب الخاطئة التي استحقّت قصاص الربّ فأرسلت مع أبنائها إلى الجلاء.... ولما أدركت أنها لم تَعُد كلّها للرب وحده، أقرّت فقالت: لك وحدك خطئت. وعندما يُصبح قلبُ المدينة كلّه للرب، تستطيع أن تنتظر من الله خلقًا جديدًا وخلاصًا جديدًا.
4. هذا المزمور هو صلاة المسيح الذي صار حملَ الله الحامل خطيئة العالم. وهو صلاة الكنيسة التي خُلّصت بدم المسيح. وهو صلاة كل مؤمن وكل إنسان خاطئ جعل ثقته في الله الغفور.
5 أ. تأمّل
إرحمني. تحنّن عليّ. هذه الكلمة تعطي المزمور لونه. هي أكثر من لفظة. هي صرخة تدلّ على ضيق النفس، كما تدلّ على ثقتها العميقة. ما استطاع المؤمن إلاّ أن يطلقها إلى الله. خطيئته تحكم عليه. إذن، صرخ يطلب "العفو". في البداية، لا يقول شيئًا عن الخطيئة التي تبدو حملاً ثقيلاً له. فلا يريد إلاّ أن يرى حبَّ الله وحنانه ورحمته.
فبالحنان والرحمة نعرف الله. هما اسمه. قال لموسى: "يهوه، يهوه، إله الحنان والرحمة. بطيء عن الغضب. غنيّ بالرأفة والأمانة" (خر 34: 6). حبّ الله لا حدود له. مثل هذا الحبّ يريد المؤمن. وكذا نقول عن رحمته وحنانه. وتأتي الصلاة ملحاحة: أمحُ، إنسَ، اغسلني... فأنا عارف بآثامي.
ويتابع المرتّل: أنا أشعر بخطيئتي. أعرفها. هي تلتصق بي. ولا أعرفها وكأنها فعل عابر مرّ في حياتي في يوم من الأيام. بل هي حاضرة الآن. "هي دومًا أمامي". وذكرها لا يفارقني. فأنا على مثال قايين الذي كانت الخطيئة رابضة عند بابه لا تفارقه (تك 4: 7). والخطيئة هي ذنب، عصيان وتمرّد، نجاسة واثم. أسماء عديدة تدلّ على الوجهات التي ترتديها الخطيئة في قلوبنا. وفي أي حال، لماذا الأسماء؟ أنت تعرف يا رب ما هي الخطيئة، وأي دمار تُحدثه فيّ. وأنا أعرف أن الخطيئة تمرّد عليك وعلى وصاياك. خيانة لحبك أنت الذي أحببتني كما أحببت.
5 ب.- المرتّل وخطيئته
ونطرح على نفوسنا جملة أسئلة:
الأول: ما هو وضع المرتّل: قال البعض إنه مريض عرف من خلال مرضه أنه خاطئ وأنه يُعاقَب بسبب خطيئته. ولكن يبدو أننا أمام مرض نفسانيّ لا جسديّ. فالخطيئة حطّمت قلب المؤمن وخلّعت أعضاءه. ما يجعله مريضًا هو خطيئته التي تؤثّر على خدمته كمعلّم للجماعة سواء كان كاهنًا أو ملكًا.
الثاني: ما هو نوع خطيئته؟ هناك طريقان أمامنا. طريق الشرّاح: هي خطيئة ضدّ الله: "إليك وحدك خطئت". ولكن عنوان المزمور يتحدّث عن زنى وسرقة وقتل. فإن لم يكن العنوان من صلب المزمور فلا يحقّ لنا أن نتركه جانبًا بسهولة. ثم إننا نقرأ في آ 16: "نجنّي من الدماء يا الله". نقدر أن نفهم هذا الطلب: نجنّي من الدماء المتوجبّة عليّ بسبب خطيئتي، أي دماء الذبائح. ولكن العبارة تعني أيضًا: نجنّي من الدماء التي سفكتها. هكذا فهم الكتبة هذه العبارة.
والطريق الثاني هو أن نفهم "إليك وحدك خطئت" على الشكل التالي: لولا الرب لما كانت خطيئة من إنسان إلى إنسان. لا وجود للخطيئة إلاّ لأن الله موجود، ولأن الإنسان مصنوع على صورة الله. فمن يُسئ إلى القريب يُسئ إلى الله نفسه بل يُسئ إلى الله وحده. إذًا كل خطيئة هي في النهاية خطيئة ضدّ الله.
الثالث: كيف نفهم آ 7؟ نبدأ فنعرف ماذا يقول العهد القديم عن خطيئة الإنسان. هناك تياران تقليديّان. الأول يتحدّث عن ضعف أمام الخير، ولكنه يرفض القول بفساد أساسي. والثاني يشدّد على الفساد البشريّ. ولكن الواقع هو أن النصوص تشير إلى عدم برارة الإنسان أمام الله. وهذا واضح في قضيّة أيوب الرجل الذي لا عيب فيه. ثم إنّه لو كنّا أمام فساد أساسي، لما كفى غصنٌ من الزوفى لينقّي المرتّل. والآن نستطيع أن نفهم آ 7. يبدو أن المرتّل هو ابن زنى، ولهذا فهو يتحمّل خطيئة أمه، وهو يعتبر أن التطهير ممكن، وأن وصمة الولادة تزول ومعها آثار الخيانة.
الرابع: ما قيمة الذبائح؟ نلاحظ تقاربًا بين هذا المزمور والمزمور 50 وأش 66. فصاحب هذا المزمور هو من الذين أدركوا حدودَ الذبائح والطقوس التي تستطيع أن تقرّب الإنسان من الله كما تستطيع أن تبعده. هو لا يشجب شجبًا قاطعًا كل ذبيحة، بل يضع الذبيحة في إطارها الصحيح. فالذبيحة الحقيقيّة قلبٌ منسحق ومتخشّع. وتكون حقيقيّة حين يقدّم الإنسان نفسه كلها لله، ويقدّم معها شقاءه ورجاءه بتجديد كامل. أما سائر الذبائح فتميل بالإنسان إلى أن يعتقد أنه يحمل إلى الله خيرًا. ولكن مثل هذه الذبيحة تمنعه من قبول نعمة الله قبولاً تامًا.
6. آ 3: يريد أن يُمحى اثمه، أن يُشفى جرحه، أن لا يبقى أثرٌ ولا علامة. نادى مراحم الله الكثيرة، لا رحمة واحدة، ومغفرة لخطأ واحد يستطيع أن يخلّص الخاطئ. فمراحمُ كثيرة هي ضروريّة لتمحو الذنوب الكثيرة وتنجّينا من التهديد والعقاب.
آ 4- جاء متضرّعًا لا ليُغسَل فقط، بل ليُغسَل "أكثر". طلب تطهيرًا مناسبًا لسقطته. فالثوب الموسّخ قليلاً يُغسل بسهولة ويطهر. والذي حلّت به لطخات كبيرة ومتلاحقة، يتطلّب غسلاً متعبًا وعناية كثيرة. والنفس التي خطئت مرّة واحدة، خطايا خفيفة، تطهر بتوبة مناسبة، أما إذا سقطت في خطايا عديدة وخطيرة، فلا تكون التوبة قضيّة ثانويّة، بل تتطلّب تعبًا كثيرًا وعددًا كبيرًا من الأعمال الحسنة. هكذا يغسل الله هفواتنا. كان داود على حقّ حين سمّى ذنبه اثمًا. أراد أن يدلّ أنه لا يُسمح له، وإن كان ملكًا، أن يتجاوز الشريعة. لقد أغاظ ملكَ الكون الذي هو أسمى منه.
آ 5 "فأنا عارف باثمي". إنها لسعادة أن يعرف الإنسان خطيئته الخاصّة، أن تكون خطاياه دومًا أمام نظره. فالذي يعرف ويتذكّر بعينيْ نفسه جراحَ ذنوبه الخاصّة يخجل. فالجرح ينخر النفس، والخجل يجذبها إلى التوبة. فالذي ينسى شهواته، ينجرّ فيقترف أيضًا ذنوبًا أخرى وكأنه يقترفها للمرّة الأولى.
آ 6 "إليك وحدك أخطأت". هو لا يريد أن يقول، كما طن البعض، أنه أخطأ سرًا عن كل البشر. وما استطاع أن يخفي زناه على بتشابع التي انجرّت إليه، ولا على الذين دعوها إليه. ولقد عرف ذلك يوآب أيضًا، وهو الذي شارك الملك في مقتل أوريّا. ولكنّه ما كان يصدّق أن داود يقدر أن يقترف هذه الخطيئة بسبب الكرامة الملكيّة. ما كان يليق عمله هذا بنبيّ وملك مشهور بتقواه.
قال: "إليك وحدك". الله هو الكائن الأوحد الذي يجب أن ننهمّ أمامه لئلا نخطأ. هو الذي كوَّننا وعامل عملَ يديه بعذوبة. وقال: "أمامك صنعت الشر". كلّهم سامحوه، لأنه ملك، وستروا ذنبه بصمتهم، فأرسل الله ناتان ليبيّن له أن عمله كان سيّئًا جدًا.
ولكن لماذا اقترف هذا العمل؟ سنعرف ذلك في ما يأتي من كلام.
آ 7 "أنظر: حُبل بي في الاثم". لا تحيلنا هذه الكلمات فقط إلى القذارة التي تأتينا من آدم. نحن نعرف أننا بسببها نُولد أنجاسًا. قبل أن نصل إلى العمر الذي فيه نميّز الخير والشرّ، نحتاج لأن نطهر كما لو كان والدانا نجسَين. هذا ما قاله أيوب: "من يفتخر بنقاوة لا قذارة فيها حتى ولو كان رضيعًا ابن يوم واحد" (أي 14: 4- 5 حسب السبعينيّة)؟ بالإضافة إلى ذلك، فالكاتب المُلهم من الله يسمّي الشهوة عادة "أمَّ الخطيئة". فالشهوة والخطيئة هما سبب موت على حد قول يعقوب: "تحبل الشهوة فتُولد الخطيئة، وحين تتمّ الخطيئة يُولد الموت" (يع 1: 15). لهذا، فحين نخطأ "يُحبل بنا في الخطايا".
آ 9- "تنضحني بالزوفى... فأبيضّ أكثر من الثلج". فالمياه تغسلنا نحن أيضًا بعطيّة المعموديّة، والروح ينيرنا.
آ 10 "أسمعني الفرح... ولتبتهج العظام التي سحقتها". فعظام النفس، أي قواها، تحطّمت، ذلّت بالخطيئة. ولما استعدتُها بالتوبة، أزهرت وعادت إلى الفرصة الأول.
آ 11 "أبعد وجهك عن خطاياي". إذا كنّا لا ننظر إلى ذنوبنا بعين غاضبة، فلا نستطيع أن نخلص. ولكن كيف نوجّه هذا الأمر في المسار الصحيح؟ نتمرّس بالأعمال الصالحة والفضائل، ونعيد إليها نظر الديّان فنَبتعد عن النظر إلى خطايانا.
"أمحُ كلّ آثامي". ما قال: "إثمًا واحدًا" بل "كلّ آثامي". فإثم واحد يكفي لأن يقودنا إلى جهنّم. فلا نهمل الخطيئة الأولى التي تُعرض لنا. فإن توسّخنا بلطخة ما، لا نستطيع أن ندخل في غرفة العرس الملوكية، ولا أن نطأ بأرجلنا أرض مقامه. ولقد وضع بولس ختمه على هذه الحقيقة حين قال: "لا تضلّوا، لا الزناة ولا المخنّثون ولا الجشعون ولا السكّيرون ولا المجدّفون ولا الطمّاعون يرثون ملكوت الله" (1 كور 6: 9).
آ 12 "أخلق فيّ قلبًا نقيًا". لسنا في معرض مبادلة مع طبيعة لا تملك شيئًا ناقصًا، بل تطهير أفكار النفس وإصلاحها بعد أن نجسّها الشيطان بملذّاته وتخيّلاته. "خلق". تعني مرارًا في الكتاب "أصلح".
"جدّد في أحشائي روحًا مستقيمًا". لقد لاحظتَ: لا يصلّي النبي لكي تتبدّل طبيعته، بل لكي تأتي النعمة إلى عون الطبيعة التي تجاهد والتي أعجزتها الخطيئة. وحين يتكلّم عن روح مستقيم، فهو لا يتكلّم عن نسمة الحياة، ولا عن روح الله. فلقد أنشد في هذا الموضوع في مزمور آخر: "ليَقُدْني روحُك الصالح في أرض سهلة" (143: 10). إذًا هو يسأل أن يتجدّد هذا الروح في أعماقه، في أحشائه، في هذه الأقسام الضروريّة والجوهريّة لحياة النفس. فهذا يعني أنه لم يكن في السابق مقيمًا فينا بشكل كامل، ولم يكن يرتاح فينا بسبب ضعفنا. ما كنّا أهلاً لأن نقبل نعمة كاملة. لهذا يطلب تجديده لتتمّ هذه النعمة كليًا فينا، كما نقول عن بيت تمّ، إنه أصلح.
إنه لشرّ عظيم أن يسبّب عبدٌ ضررًا لشخص معلّمه، وأن يتصرّف ابنٌ هكذا نحو أبيه، وأن يفعل جنديّ كذلك نحو ملكه. لهذا يُحكَم عليهم بالنفي. ومن تصرّف هكذا أمام الله، جرّ الموت على نفسه. فالله الذي هو ملك، هو أيضًا أب لنا وسيّد، وكل ما نستطيع أن نقوله بالنظر إلى حياتنا وخلاصنا. لهذا حين يميل عنا وجهه، نخسر حالاً الروح القويّ، ينبوع كل خير فينا، وهذا أمر مؤسف لنا. (هسيكيوس الاورشليمي).