ثقته بالله
وكان لا بد أن يثير تصرف البطريرك الجديد تساؤلات ومخاوف وانتقادات لاسيما بعدما انتشر خبره وأضحى للمساكين والمضنوكين والمتعبين ملاذاً وعزاء: كيف يفي بوعوده؟ من أين يعيل جحافل هذه أعدادها؟ الكلام هيّن ولكن كيف يفعلون؟ فكان لسان حال يوحنا وكان جوابه، وسيرته كلها كانت الجواب: "حتى ولو نزل العالم كله إلى الإسكندرية مستحسناً، مستجيراً لما ضيّق على الكنيسة المقدّسة ولا أنضب كنوز الله التي لا تنضب". بمثل هذه الثقة سلك يوحنا، وغالباً ما اعتاد أن يردّد في صلاته: "سنرى، يا سيدي، لأي منا تكون الغلبة: لك في العطاء أم لي في التوزيع على الفقراء، لأني أعترف أنه ليس لي ما ليس من رأفتك وبها أستعين".
هذا هو الرجل الذي تجاسر فضارع الله. خدمتنا الليتورجية تسمّيه "نهر عمل الخير الذي لا ينفذ". لم يردّ سائلاً أبداً. لم يكن القياس بالنسبة إليه أن يعطي إذا كان لديه بل أن من يرسله الله إليك يعطيك أن تعطيه لأن الذي قال: "كل من سألك فأعطه" (لو30:6) "ومن أراد أن يقترض منك فلا تردّه" قال أيضاً "أسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم". هذه خبرها قديسنا في يومياته وخبر أيضاً أن من ترك بيوتاً أو أخوة... أو حقولاً من أجل اسمي يأخذ مئة ضعف... (مت29:19).